ذكر الفتن بالأندلس
في هذه السنة خرج سعيد اليحصبي المعروف بالمطري بالأندلس بمدينة لبلة .
وسبب ذلك أنه سكر يوما ، فتذكر من قتل من أصحابه اليمانية مع العلاء ، وقد ذكرناه ، فعقد لواء ، فلما صحا رآه معقودا فسأل عنه فأخبر به ، فأراد حله ثم قال : ما كنت لأعقد لواء ثم أحله بغير شيء ! وشرع في الخلاف ، فاجتمعت اليمانية إليه وقصد إشبيلية وتغلب عليها وكثر جمعه .
فبادره عبد الرحمن صاحب الأندلس في جموعه ، فامتنع المطري في قلعة زعواق لإحدى عشرة ليلة خلت من ربيع الأول ، فحصره عبد الرحمن فيها ، وضيق عليه ، ومنع أهل الخلاف من الوصول إليه .
وكان قد وافقه على الخلاف غياث بن علقمة اللخمي ، وكان بمدينة شذونة ، وقد انضاف إليه جماعة من رؤساء القبائل يريدون إمداد المطري ، وهم في جمع كثير .
فلما سمع عبد الرحمن ذلك سير إليهم بدرا مولاه في جيش ، فحال بينهم وبين الوصول إلى المطري ، فطال الحصار عليه وقلت رجاله بالقتل ، ففارقه بعضهم ، فخرج يوما من القلعة وقاتل وقتل وحمل رأسه إلى عبد الرحمن .
فقدم أهل القلعة عليهم خليفة بن مروان ، فدام الحصار عليهم ، فأرسل أهلها يطلبون الأمان من عبد الرحمن ليسلموا إليه خليفة ، فأجابهم إلى ذلك وآمنهم ، فسلموا إليه الحصن وخليفة ، فخرب الحصن وقتل خليفة ومن معه .
ثم انتقل إلى غياث ، وكان موافقا للمطري على الخلاف ، فحصرهم وضيق عليهم ، فطلبوا الأمان فآمنهم إلا نفرا كان يعرف كراهتهم لدولته ، فإنه قبض عليهم ، وعاد إلى قرطبة ، فلما عاد إليها خرج عليه عبد الله بن خراشة الأسدي بكورة جيان ، فاجتمعت إليه جموع ، فأغار على قرطبة ، فسير إليه عبد الرحمن جيشا ، فتفرق جمعه ، فطلب الأمان ، فبذله له عبد الرحمن ووفى له .