الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر الفتن بالأندلس  

            في هذه السنة خرج سعيد اليحصبي المعروف بالمطري بالأندلس بمدينة لبلة .

            وسبب ذلك أنه سكر يوما ، فتذكر من قتل من أصحابه اليمانية مع العلاء ، وقد ذكرناه ، فعقد لواء ، فلما صحا رآه معقودا فسأل عنه فأخبر به ، فأراد حله ثم قال : ما كنت لأعقد لواء ثم أحله بغير شيء ! وشرع في الخلاف ، فاجتمعت اليمانية إليه وقصد إشبيلية وتغلب عليها وكثر جمعه .

            فبادره عبد الرحمن صاحب الأندلس في جموعه ، فامتنع المطري في قلعة زعواق لإحدى عشرة ليلة خلت من ربيع الأول ، فحصره عبد الرحمن فيها ، وضيق عليه ، ومنع أهل الخلاف من الوصول إليه .

            وكان قد وافقه على الخلاف غياث بن علقمة اللخمي ، وكان بمدينة شذونة ، وقد انضاف إليه جماعة من رؤساء القبائل يريدون إمداد المطري ، وهم في جمع كثير .

            فلما سمع عبد الرحمن ذلك سير إليهم بدرا مولاه في جيش ، فحال بينهم وبين الوصول إلى المطري ، فطال الحصار عليه وقلت رجاله بالقتل ، ففارقه بعضهم ، فخرج يوما من القلعة وقاتل وقتل وحمل رأسه إلى عبد الرحمن .

            فقدم أهل القلعة عليهم خليفة بن مروان ، فدام الحصار عليهم ، فأرسل أهلها يطلبون الأمان من عبد الرحمن ليسلموا إليه خليفة ، فأجابهم إلى ذلك وآمنهم ، فسلموا إليه الحصن وخليفة ، فخرب الحصن وقتل خليفة ومن معه .

            ثم انتقل إلى غياث ، وكان موافقا للمطري على الخلاف ، فحصرهم وضيق عليهم ، فطلبوا الأمان فآمنهم إلا نفرا كان يعرف كراهتهم لدولته ، فإنه قبض عليهم ، وعاد إلى قرطبة ، فلما عاد إليها خرج عليه عبد الله بن خراشة الأسدي بكورة جيان ، فاجتمعت إليه جموع ، فأغار على قرطبة ، فسير إليه عبد الرحمن جيشا ، فتفرق جمعه ، فطلب الأمان ، فبذله له عبد الرحمن ووفى له .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية