من توفي في هذه السنة من الأكابر .
799 - حجاج بن أرطأة ، أبو أرطأة النخعي الكوفي .
سمع عطاء بن أبي رباح وغيره .
وروى عنه: سفيان الثوري ، وهشيم ، وابن المبارك ، ويزيد بن هارون .
وكان من حفاظ الحديث ومن الفقهاء . استفتي وهو ابن ست عشرة سنة . وولي القضاء بالبصرة ، إلا أنه كان مدلسا ، يروي عن من لم يلقه ، فيرسل تارة عن مجاهد ، وتارة عن الزهري ولم يلقهما ، وكان مع المنصور في بناء مدينته ، وتولى خطها ، ونصب قبلة مسجدها ، وكان في هذا الرجل تيه كثير ، وكبر خارج عن الحد .
قال: أبو قلابة : سمعت أبا عاصم يقول: فجاء إلى حلقة البتي ، فجلس في عرض الحلقة ، وقيل له: ارتفع إلى الصدر . فقال أنا صدر حيث كنت . قال: وقال: أنا رجل حبب إلي الشرف . أول من ولي القضاء لبني العباس بالبصرة الحجاج بن أرطأة ،
وعن قيس بن الوليد قال: سمعت أبا يوسف يقول: كان الحجاج بن أرطأة لا يشهد جمعة ولا جماعة ، ويقول: أكره مزاحمة الأنذال .
قال: محمد بن سعد : كان الحجاج بن أرطأة في أصحاب أبي جعفر ، فضمه إلى المهدي ، فلم يزل معه حتى توفي بالري والمهدي بها يومئذ في خلافة أبي جعفر .
وكان ضعيفا في الحديث . عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ، مولى أمية بن خالد . وكان يكنى أبا الوليد ، وأبا خالد .
سمع من طاووس مسألة واحدة ، ومن مجاهد حرفين في القراءات . وسمع الكثير من عطاء بن أبي رباح ، وعمرو بن دينار ، وابن المنكدر وغيرهم .
روى عنه: الأوزاعي ، والثوري ، وابن المبارك ، وغيرهم .
وكان ثقة ، يقال إنه أول من صنف الكتب ، وكان عطاء يقول: ابن جريج سيد شباب أهل الحجاز ، وقيل له: من نسأل بعدك؟ فقال: هذا الفتى إن عاش - يعني ابن جريج .
وقال عبد الرزاق: كنت إذا رأيت ابن جريج علمت أنه يخشى [الله] ، وما رأيت أحدا أحسن صلاة منه .
وقال مالك: كان ابن جريج صاحب ليل .
قال: عبد الرزاق : أهل مكة يقولون أخذ ابن جريج الصلاة من عطاء ، وأخذها عطاء من أبي الزبير ، وأخذها أبو الزبير من أبي بكر ، وأخذها أبو بكر من النبي صلى الله عليه وسلم .
قال عبد الرزاق: وكان ابن جريج حسن الصلاة .
توفي في هذه السنة ، هكذا قال يحيى بن سعيد ، ومكي بن إبراهيم ، وخليفة بن خياط .
وقال علي بن المديني: سنة إحدى وخمسين .
وقال أحمد بن عبد الله العجلي سنة تسع وأربعين . عبد الملك بن سعيد بن أبجر المتطبب .
أسند عن أبي الطفيل عامر بن وائلة ، وذر ، والشعبي ، وغيرهم . وكان شديد الورع ، خصوصا في نطقه ، وكان من البكاءين .
عن عبد الملك بن أبجر قال: ما من الناس إلا مبتلى بعافية لينظر كيف شكره - أو يبليه لينظر كيف صبره . عبد العزيز بن سليمان ، أبو محمد الراسبي .
قال: محمد بن عبد العزيز بن سلمان : سمعت دهثما - وكان من العابدين - يقول: اليوم الذي كنت لا آتي فيه عبد العزيز أكون مغبونا ، وأبطأت عليه ذات يوم ثم أتيته فقال: ما الذي بطأ بك . قلت: خير . قال: على حال . قلت: شغلنا العيال ، كنت ألتمس لهم شيئا . [قال:] فوجدته لهم؟ قلت: لا . قال: هلم فلندع . قال: فدعا فأمنت ودعوت فأمن ، ثم نهضنا لنقوم ، فإذا والله الدنانير والدراهم تتناثر في حجورنا . فقال: دونكها . ومضى ولم يلتفت إلي . قال: فأخذتها ، فإذا [هي] مائة دينار ومائة درهم . قال محمد: فقلت له: ما صنعت بها؟ قال: احتبست قوت عيالي جمعة حتى لا يشغلني عن عبادته وشكره وخدمته فكر في شيء من عرض الدنيا . ثم أمضيتها والله في سبيل الله .
وقال: واقد الصفار : دعا عبد العزيز بن سليمان يوما لمقعد كان في مجلسه وأمن إخوانه . قال: فوالله ما انصرف المقعد إلى أهله إلا ماشيا على رجليه .
وقال: عبد العزيز بن عمير قال: قيل لعبد العزيز الراسبي - وكانت رابعة تسميه: سيد العابدين - ما بقي مما تلذ به؟
قال: سرداب أخلو فيه .
مقاتل بن سليمان بن بشر ، أبو الحسن البلخي .
قدم بغداد فحدث بها عن عطية العوفي ، وسعيد المقبري والضحاك ، وعمرو بن شعيب ، وغيرهم .
وجمع تفاسير الناس ، فجعلها لنفسه ، وكان يروي عن الضحاك ، وقد مات الضحاك قبل مولد مقاتل بأربع سنين .
قال ابن عيينة: قلت له: لم تحدث عن الضحاك وقد زعموا أنك لم تسمع منه؟
قال: كان يغلق علي وعليه الباب . قال ابن عيينة: قلت في نفسي: باب المدينة
وكان أحمد بن سيار يقول: مقاتل متهم متروك الحديث ، كان يتكلم في الصفات بما لا يحل .
وقال وكيع: كان مقاتل كذابا ، فلم نسمع منه .
وقال أبو عبد الرحمن النسائي: مقاتل من المعروفين بوضع الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقال البخاري: مقاتل لا شيء البتة .
وقال أبو حفص عمر بن علي: مقاتل كذاب متروك الحديث . وكذلك قال الساجي .
توفي مقاتل في هذه السنة . مسعود الضرير ، أبو جهير البصري .
قال: صالح المري قال مالك بن دينار: اغد علي يا صالح إلى الجبان فإني قد وعدت نفرا من إخواني بأبي جهير مسعود الضرير . فسلم عليه . قال صالح المري: وكان أبو جهير هذا رجلا قد انقطع إلى زاوية يتعبد فيها ، ولم يكن يدخل البصرة إلا يوم جمعة في وقت الصلاة ، ثم يرجع من ساعته . قال: فغدوت إلى موعد مالك إلى الجبان ، فانتهيت إلى مالك وقد سبقني ومعه محمد بن واسع ، وإذا ثابت البناني وحبيب ، فلما رأيتهم قد اجتمعوا قلت: هذا والله يوم سرور . قال: فانطلقنا نريد أبا جهير . قال: فكان مالك إذا مر بموضع نظيف قال: يا ثابت صل ها هنا ، لعله يشهد لك غدا . قال: فكان ثابت يصلي ، قال: ثم انطلقنا حتى أتينا موضعه فسألنا عنه ، فقالوا: الآن يخرج إلى الصلاة . قال: فانتظرنا فخرج علينا رجل إن شئت قلت: قد نشر من قبره . قال: فوثب رجل فأخذ بيده حتى أقامه عند باب المسجد ، فأمهل يسيرا ، ثم دخل المسجد فصلى ما شاء الله ، ثم أقام الصلاة فصلينا معه ، فلما قضى صلاته جلس كهيئة المهموم فتوافد القوم في السلام عليه ، فتقدم محمد بن واسع ، فسلم عليه ، فرد عليه السلام وقال: من أنت؟ لا أعرف صوتك . قال: أنا من أهل البصرة .
قال: ما اسمك يرحمك الله؟ قال: أنا محمد بن واسع . قال: مرحبا وأهلا ، أنت الذي يقول هؤلاء القوم – وأومأ بيده إلى البصرة - إنك أفضلهم ، لله أبوك إن قمت بشكر ذلك ، اجلس ، فجلس فقام ثابت البناني فسلم عليه ، فرد عليه ، وقال: من أنت يرحمك الله؟
قال: أنا ثابت البناني . فقال: مرحبا بك يا ثابت ، أنت الذي يزعم أهل هذه القرية أنك من أطراهم صلاة ، اجلس فقد كنت أتمناك على ربي . فقام إليه حبيب أبو محمد ، فسلم عليه ، فرد السلام وقال: من أنت يرحمك الله؟ قال: أنا حبيب ، أبو محمد . فقال: مرحبا بك يا أبا محمد ، أنت الذي يزعم هؤلاء القوم أنك لم تسأل الله شيئا إلا أعطاك ، ألا سألته أن يخفي لك ذلك ، اجلس يرحمك الله . قال: وأخذ بيده فأجلسه إلى جنبه .
قال: فقام إليه مالك بن دينار فسلم عليه ، فرد عليه السلام وقال: من أنت رحمك الله؟
قال: أنا مالك بن دينار . قال: بخ بخ أبو يحيى إن كنت كما يقولون ، أنت الذي يزعم هؤلاء أنك أزهدهم ، اجلس فالآن تمت أمنيتي على ربي في عاجل الدنيا . قال صالح: فقمت إليه لأسلم عليه ، فأقبل على القوم فقال: انظروا كيف تكونون غدا بين يدي الله في مجمع القيامة . قال: فسلمت عليه فرد علي وقال: من أنت يرحمك الله؟ قلت: صالح المري . قال: أنت الفتى الفارسي؟ أنت أبو معشر؟ قلت: نعم . قال: فاقرأ يا صالح . فابتدأت فقرأت ، فما استتممت الاستعاذة حتى خر مغشيا عليه ، ثم أفاق فقال: عد في قراءتك . قال صالح: فعدت فقرأت: وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا . قال: فصاح صيحة ثم انكب لوجهه ، وانكشف بعض جسده ، فجعل يخور كما يخور الثور ، ثم هدأ فدنونا منه ننظر ، فإذا هو قد خرجت نفسه كأنه خشبة ، فخرجنا فسألنا: هل له أحد؟ قيل: عجوز تخدمه ، تأتيه الأيام ، فبعثنا إليها ، فجاءت فقالت: ما له؟ قلنا: قرئ عليه القرآن فمات . قالت: حق له ، من ذا الذي قرأ عليه؟ لعله صالح المري القارئ؟ قلنا: نعم ، وما يدريك؟ من صالح؟ قالت: لا أعرفه غير أن كثيرا مما كنت أسمعه يقول: إن قرأ علي صالح قتلني . قلنا: فهو الذي قرأ عليه .
قالت: هو الذي قتل حبيبي . فهنأناه ، ودفناه رحمه الله] . [ الوفيات ]
وفي هذه السنة مات عمر بن ذر ، وقيل : مات عمر سنة خمس وخمسين ومائة ، وكان من الصالحين ، يقول بالإرجاء .
وفي سنة خمسين مات عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج .
وأبو جناب الكلبي ، وعثمان بن الأسود ، وسعيد بن أبي عروبة ، واسم أبي عروبة مهران مولى بني يشكر ، كنيته أبو النضر .
( يسار بالياء تحتها نقطتان ، وبالسين المهملة ) .