نقض الروم الصلح بينهم وبين هارون الرشيد
ثم دخلت سنة ثمان وستين ومائة
فمن الحوادث فيها:
وقد تقدم ذكره ، وكان بين أول الصلح وبين أول الغدر اثنان وثلاثون شهرا ، فوجه علي بن سليمان وهو يومئذ على الجزيرة وقيس بن يزيد بن المنذر بن البطال سرية في خيل إلى الروم فظفروا وغنموا . نقض الروم الصلح الذي جرى بينهم وبين هارون
بعث المهدي سعيدا الحرشي إلى طبرستان
وفيها: وجه المهدي سعيدا الحرشي إلى طبرستان في أربعين ألفا .
قتل جماعة من الزنادقة ببغداد
وفيها: قتل المهدي جماعة من الزنادقة ببغداد .
تولية المهدي علي بن يقطين زمام الأزمة على عمر وابن برزيع
وفيها: ولى المهدي علي بن يقطين زمام الأزمة على عمر وابن بزيع ، وكان عمر أول من عمل ديوان الزمام في خلافة المهدي ، وذلك: أنه جمعت له الدواوين ، ففكر فإذا هو لا يضبطها إلا بزمام يكون له على كل ديوان [فاتخذ دواوين الأزمة وولى كل ديوان] رجلا وكان واليه على ديوان الخراج إسماعيل بن صبيح ، ولم يكن لبني أمية دواوين أزمة .
من حج بالناس هذه السنة
وفيها حج بالناس علي بن المهدي الذي يقال له ابن ريطة ذكر
وفيها خرج بأرض الموصل خارجي اسمه ياسين من بني تميم ، فخرج إليه عسكر الموصل ، فهزمهم ، وغلب على أكثر ديار ربيعة والجزيرة ، وكان يميل إلى مقالة صالح بن مسرح الخارجي ، فوجه إليه المهدي أبا هريرة بن فروخ القائد ، وهرثمة بن أعين مولى بني ضبة ، فحارباه ، فصبر لهما ، حتى قتل وعدة من أصحابه ، وانهزم الباقون . ذكر الخوارج بالموصل
في هذه السنة ثار أبو الأسود محمد بن يوسف بن عبد الرحمن الفهري بالأندلس ، وكان من حديثه : أنه كان في سجن عبد الرحمن بقرطبة من حين هرب أبوه ، وقتل أخوه عبد الرحمن ، على ما تقدم ، وحبس أبو الأسود ، وتعامى في الحبس ، فصار يحاكي العميان ، ولا يطرف عينه لشيء ، وبقي دهرا طويلا ، حتى صح عند الأمير عبد الرحمن الأموي ذلك . مخالفة أبي الأسود بالأندلس
وكان في أقصى السجن سرداب يفضي إلى النهر الأعظم يخرج منه المسجونون فيقضون حوائجهم من غسل وغيره ، وكان الموكلون يهملون أبا الأسود لعماه ، فإذا رجع من النهر يقول : من يدل الأعمى على موضعه ؟
وكان مولى له يحادثه على شاطئ النهر ، ولا ينكر عليه ، فواعده أن يأتيه بخيل يحمله عليها ، فخرج يوما ومولاه ينتظره ، فعبر النهر سباحة ، وركب الخيل ، ولحق بطليطلة ، فاجتمع له خلق كثير ، فرجع بهم إلى قتال عبد الرحمن الأموي ، فالتقيا على الوادي الأحمر بقسطلونة ، واشتد القتال ، ثم انهزم أبو الأسود ، وقتل من أصحابه أربعة آلاف سوى من تردى في النهر ، واتبعه الأموي يقتل من لحق ، حتى جاوز قلعة الرباح .
ثم جمع ، وعاد إلى قتال الأموي ، في سنة تسع وستين ، فلما أحس بمقدمة الأموي انهزم أصحابه ، وهو معهم ، فأخذ عياله ، وقتل أكثر رجاله ، وبقي إلى سنة سبعين ، فهلك بقرية ( من أعمال طليطلة ) .
وقام بعده أخوه قاسم ، وجمع جمعا ، فغزاه الأمير ، فجاء إليه بغير أمان فقتله . ذكر عدة حوادث
وفيها هلك شيلون ملك جليقية ، فولوا مكانه أذفونش ، فوثب عليه مورقاط ، فقتله ، فاختل أمرهم ، فدخل عليهم نائب عبد الرحمن بطليطلة في عساكره ، فقتل ، وغنم ، وسبى ثم عاد سالما .
( وفيها توفي أبو القاسم بن واسول مقدم الخوارج الصفرية بسجلماسة فجاءة في صلاة العشاء الآخرة ، وكانت إمارته اثنتي عشرة سنة وشهرا ، وولي بعده ابنه إلياس ) . حادثة عجيبة
وجرت في هذه السنة حادثة عجيبة:
عن أبو عمرو الأعجمي صاحب خبر السند أيام المنصور ثم ولاه موسى أول ما استخلف - قال: فكتب في خبره .
أن رجلا من أشراف أهل السند من آل المهلب بن أبي صفرة اشترى غلاما أسود وهو صغير ، فرباه وتبناه ، فلما اشتد الغلام هوي مولاته ، وراودها عن نفسها فأجابته ، فدخل مولاه يوما على غرة منه فإذا هو على بطن امرأته فعمد إليه فجب ذكره ، وتركه يتشحط في دمه ، ثم أنه أدركته عليه رقة وتخوف من فعله به ، فعالجه إلى أن أبل من علته ، فأقام بعد هذه الحادثة حينا يطلب غرة مولاه ليثأر منه ويدبر عليه أمرا يكون فيه شفاء قلبه وكان لمولاه ابنان ، أحدهما طفل ، والآخر يافع ، فغاب الرجل عن منزله في بعض أموره ، فأخذ الأسود الصبيين فصعد بهما ذروة سطح عال فنصبهما هناك وجعل يعللهما بالمطعم وباللعب ، إلى أن دخل مولاه فرفع رأسه ، فإذا بابنيه في شاهق والغلام ، فقال:
ويلك يا فلان عرضت ابني للموت ، قال: أجل قد ترى موضعهما ، فوالله الذي تحلف به لئن لم تجب نفسك كما جببتني لأرمين بهما . فقال: ويلك الله الله في وفي بني ، قال: دع عنك هذا ، فوالله ما هي إلا نفسي وإني لأسمح بها من شربة ماء أسقاها ، فجعل يكرر ذلك عليه ويأبى ، فذهب ليروم الصعود إليه فأهوى بهما ليرديهما من ذروة ذلك الشاهق ، فقال أبوهما: ويلك اصبر حتى أخرج مدية ، قال: افعل ما أردت ، فأخذ مدية واستقبله ليرى ما يصنع فرمى ذكره وهو يراه ، فلما علم أنه قد فعل رمى بالصبيين فتقطع الصبيان ، وقال: هذا الذي فعلت ثأري ، وهذا زيادة فيه ، فأخذ الأسود وكتب بخبره ، فكتب موسى إلى صاحب السند بقتل الغلام ، وقال: ما سمعت بأعجب من هذا ، وأمر أن يخرج من ملكه وملك نسائه كل أسود .