الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر  

            الحكم بن فضيل ، أبو محمد الواسطي الحكم بن فضيل ، أبو محمد الواسطي   .

            نزل المدائن ، وحدث بها عن خالد الحذاء ، ويعلى بن عطاء ، روى عنه : أبو النضر هاشم بن القاسم ، وكان الحكم ثقة عند أهل زمانه ، توفي في هذه السنة .

            شعوانة العابدة شعوانة العابدة   .

            كانت كثيرة التعبد ، شديدة الخوف ، طويلة البكاء ، وسألها الفضيل بن عياض الدعاء فقالت : يا فضيل ، أما بينك وبين الله ما إن دعوته استجاب لك ؟ فشهق الفضيل وخر مغشيا عليه .

            وعن مالك بن ضيغم قال : قال لي أبي يوما : انطلق بنا حتى نأتي هذه المرأة الصالحة ، فننظر إليها - يعني شعوانة - فانطلقت أنا وأبو همام فدخلنا عليها فقالت : مرحبا يا ابن من لم نره ونحن نحبه ، أما والله يا بني إني لمشتاقة إلى أبيك ، وما يمنعني من إتيانه إلا أني أخاف أن أشغله عن خدمة سيده ، وخدمة سيده أولى به من محادثة شعوانة ، ثم قالت : ومن شعوانة ، وما شعوانة ؟ ! أمة سوداء عاصية . ثم أخذت في البكاء فلم تزل تبكي حتى خرجنا وتركناها .

            وعن إبراهيم بن عبد الملك قال :

            قدمت شعوانة وزوجها مكة ، فجعلا يطوفان ويصليان ، فإذا كل أو أعيا جلس ، وجلست خلفه فيقول هو في جلوسه : أنا العطشان من حبك لا أروى . وتقول هي : أنبت لكل داء دواء في الجبال ودواء المحبين في الجبال لم ينبت .

            الليث بن سعد بن عبد الرحمن الليث بن سعد بن عبد الرحمن ، أبو الحارث   . يقال إنه مولى خالد بن ثابت الفهمي .

            ولد بقرقشندة ، وهي قرية من أسفل أرض مصر ، سنة أربع وتسعين . وروى عن : عطاء بن أبي رباح ، والزهري ، ونافع في آخرين . حدث عن : هشيم ، وابن المبارك وغيرهما . وكان فقيها فاضلا ثقة جوادا ، يحفظ القرآن ويعرف الحديث والعربية والشعر .

            وعن محمد بن أحمد بن عياض قال : سمعت حرملة بن يحيى يقول : سمعت ابن وهب يقول : كتب مالك [بن أنس ] إلى الليث [بن سعد : ] أريد أن أدخل ابنتي على زوجها فأحب أن تبعث لي بشيء من عصفر . قال : فبعث إليه الليث ثلاثين حملا عصفر فصبغ لابنته ، وباع منه بخمس مائة دينار وبقي عنده فضلة .

            وعن أحمد بن عثمان النسائي قال : سمعت قتيبة بن سعيد يقول : سمعت شعيب بن الليث يقول : خرجت مع أبي حاجا ، فقدم المدينة ، فبعث إليه مالك بن أنس بطبق فيه رطب ، فجعل على الطبق ألف دينار ورده إليه .

            وقال قتيبة بن سعيد : كان الليث بن سعد يستغل كل سنة عشرين ألف دينار ، وقال : ما وجبت علي زكاة قط ، وأعطى ابن لهيعة ألف دينار وأعطى مالك بن أنس ألف دينار ، وأعطى منصور بن عمار ألف دينار ، وجارية تساوي ثلاثمائة دينار . قال : وجاءت امرأة إلى الليث [بن سعد ] فقالت : يا أبا الحارث إن ابني عليل وقد اشتهى عسلا ، فقال : يا غلام ، أعطها مرطا من عسل . والمرط مائة وعشرون رطلا .

            توفي الليث في شعبان من هذه السنة .

            وحكى ابن خلكان أنه سمع قائل يقول يوم مات الليث :


            ذهب الليث فلا ليث لكم ومضى العلم غريبا وقبر

            فالتفتوا فلم يروا أحدا . المنذر بن عبد الله بن المنذر بن المغيرة بن عبد الله بن خالد بن حزام المنذر بن عبد الله بن المنذر بن المغيرة بن عبد الله بن خالد بن حزام المنذر بن عبد الله بن المنذر بن المغيرة بن عبد الله بن خالد بن حزام   .

            كان من سروات قريش ، وأهل الفضل .

            وعن الزبير بن بكار قال : حدثني عمي مصعب قال : أخبرني الفضل بن الربيع قال : دعاه أمير المؤمنين المهدي إلى قضاء المدينة فلم أر رجلا قط كان له استعفاء منه ، قال لأمير المؤمنين : إني كنت وليت ولاية فخشيت أن لا أكون سلمت منها ، فأعطيت الله عهدا أن لا ألي ولاية أبدا ، وأنا أعيذ أمير المؤمنين بالله ونفسي أن يحملني على أن أخيس بعهد الله . قال أمير المؤمنين [ المهدي : ] فوالله لقد أعطيت هذا من نفسك قبل أن أدعوك . قال : والله لقد أعطيت هذا من نفسي قبل أن تدعوني . فقال : قد أعفيتك .

            قال الزبير : وحدثني غير عمي من قريش قال : عرض عليه أمير المؤمنين المهدي مائة ألف درهم على أن يلي له القضاء فاستعفى ، فقال : لا أعفيك حتى تدلني على إنسان أوليه القضاء . فدله على عبد الله بن محمد بن عمران فاستقضاه ، فحج تلك الأيام المنذر بن عبد الله وأبوه فاكترى لأبيه إلى الحج وما يجد ما يكتري لنفسه فحج ماشيا .

            توفي المنذر في هذه السنة رحمه الله .

            وفيها توفي المسيب بن زهير بن عمر بن مسلم الضبي ، وقيل سنة ست وسبعين ، وكان على شرط المنصور والمهدي ، وولاه المهدي خراسان .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية