الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر  

            جعفر بن عيسى

            جعفر بن [عيسى] بن عبد الله بن الحسن بن أبي الحسن البصري ، ويعرف بالحسني .

            ولي القضاء بالجانب الشرقي من بغداد في أيام المأمون والمعتصم ، وحدث عن حماد بن زيد ، وجعفر بن سليمان ، وغيرهما ، وقال أبو زرعة الرازي: ولي قضاء الري ، وهو صدوق . وقال أبو حاتم الرازي: جهمي ضعيف .

            قال طلحة بن محمد بن جعفر : شخص المأمون عن مدينة السلام فيما أخبرني به محمد بن جرير إجازة ، يعني إلى بلد الروم ، ومعه يحيى بن أكثم يوم السبت لثلاث بقين من المحرم سنة خمس عشرة ومائتين ، فاستخلف يحيى بن أكثم على الجانب الشرقي جعفر بن عيسى البصري الحسني ، ثم أشخص المأمون الحسني إليه ، فاستخلف مكانه هارون بن عبد الله الزهري ، ثم عزل الزهري ، وأعاد الحسني .

            توفي الحسني وهو قاضي المعتصم في رمضان هذه السنة ، وأوصى أن يدفن في مقابر الأنصار ، فدفن هنالك ، وصلى عليه أبو علي ابن هارون الرشيد .

            صالح بن نصر بن مالك بن الهيثم

            - صالح بن نصر بن مالك بن الهيثم ، أبو الفضل الخزاعي .

            وهو أخو أحمد بن نصر الشهيد . سمع ابن أبي ذئب ، وشعبة ، وشريك بن عبد الله ، وإسماعيل بن عياش ، روى عنه: خالد بن خداش ، والدوري ، وأحمد بن أبي خيثمة ، وكان ثقة .

            توفي ببغداد في هذه السنة .

            عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة أبو محمد

            عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة أبو محمد .

            كان ثقة فاضلا خيرا كثير المال ، حدث بمصر . وتوفي بها في ربيع الآخر من هذه السنة .

            أبو الحسن الكاتب

            علي بن عبيدة ، أبو الحسن الكاتب ، المعروف بالريحاني .

            له أدب وفصاحة وبلاغة ، وحسن عبارة ، وله كتب في الحكم والأمثال ، رأيت منها جملة ، وكان له اختصاص بالمأمون . وحكى أبو بكر الخطيب أنه كان يرمى بالزندقة .

            عن علي بن عبيدة الريحاني قال: التقى أخوان متوادان ، فقال أحدهما لصاحبه: كيف ودك لي؟ قال: حبك متوشح بفؤادي ، وذكرك سمير سهادي ، فقال الآخر: أما أنا فأحب أن أوجز في وصفي ، ما أحب أن يقع على سواك طرفي .

            غسان بن المفضل

            غسان بن المفضل ، أبو معاوية الغلابي البصري .

            سكن بغداد ، وحدث بها عن: سفيان بن عيينة ، روى عنه: ابنه المفضل ، وكان ثقة من عقلاء الناس ، دخل على المأمون فاستعقله .

            الفضل بن دكين

            وتوفي في هذه السنة .

            الفضل بن دكين ، أبو نعيم . ودكين: لقب ، واسمه عمرو بن حماد بن زهير بن درهم ، مولى طلحة بن عبيد الله التيمي .

            ولد سنة ثلاثين ومائة ، وأبو نعيم كوفي ، كان شريكا لعبد السلام [بن حرب في دكان واحد يبيعان الملاء . وسمع أبو نعيم من الأعمش ، ومسعر ، وزكريا] بن أبي زائدة ، وابن أبي ليلى ، والثوري ، ومالك ، وشعبة في آخرين .

            وقال: كتبت عن نيف ومائة شيخ ممن كتب عنه سفيان ، وسمع منه ابن المبارك ، وروى عنه أحمد بن حنبل ، والبخاري ، وأبو زرعة ، وغيرهم ، وكان ثقة .

            وامتحن بالكوفة أيام المحنة ،  فأحضره واليها وسأله عن القرآن ، فقال: أدركت الكوفة وبها أكثر من سبعمائة شيخ [الأعمش] فمن دونه يقولون: القرآن كلام الله ، وعنقي أهون عندي من زري هذا .

            يقول: أحمد بن يعقوب سمعت عبد الله بن الصلت يقول: كنت عند أبي نعيم ، فجاءه ابنه يبكي ، فقال له: مالك ، فقال: الناس يقولون إنك متشيع ، فأنشأ يقول:


            وما زال كتمانيك حتى كأنني برجع [جواب] السائلي عنك أعجم     لأسلم من قول الوشاة وتسلمي
            سلمت وهل حي على الناس يسلم؟!

            قال المصنف: وفي رواية أخرى أنه سئل: أتتشيع؟ فقال: سمعت الحسن بن صالح يقول: سمعت جعفر بن محمد يقول: حب علي عبادة ، وأفضل العبادة ما كتم .

            يقول: أحمد بن منصور خرجت مع أحمد بن حنبل ويحيى بن معين إلى عبد الرزاق خادما لهما ، فلما عدنا إلى الكوفة قال يحيى بن معين لأحمد بن حنبل: أريد أختبر أبا نعيم ، فقال له أحمد : لا تزد ، الرجل ثقة . فقال يحيى بن معين:

            لا بد لي . فأخذ ورقة وكتب فيها ثلاثين حديثا من حديث أبي نعيم وجعل على رأس كل

            عشرة منها حديثا ليس من حديثه ، ثم جاءا إلى أبي نعيم فدقا عليه الباب ، فخرج فجلس على دكان طين حذاء بابه ، فأخذ أحمد بن حنبل فأجلسه عن يمينه ، وأخذ يحيى بن معين فأجلسه عن يساره ، ثم جلست أسفل الدكان ، فأخرج يحيى بن معين الطبق ، فقرأ عليه عشرة أحاديث ، وأبو نعيم ساكت ، ثم قرأ الحديث الحادي عشر ، فقال له أبو نعيم: ليس من حديثي فاضرب عليه ، ثم قرأ العشر الثاني وأبو نعيم ساكت ، فقرأ الحديث الثاني ، فقال أبو نعيم: ليس من حديثي فاضرب عليه ثم قرأ العشر الثالث ، وقرأ الحديث الثالث فتغير أبو نعيم وانقلبت عيناه وأقبل على يحيى بن معين فقال له : أما هذا - وذراع أحمد في يده - فأورع من أن يعمل هذا ، وأما هذا - يريدني - فأقل من أن يفعل مثل هذا ، ولكن هذا من فعلك يا فاعل ، ثم أخرج رجله فرفس يحيى بن معين ، فرمى به من الدكان ، وقام فدخل داره ، فقال أحمد ليحيى: ألم أمنعك من الرجل وأقل لك إنه ثبت؟! فقال: والله لرفسته لي أحب إلي من سفري .

            قال: محمد بن أحمد بن يعقوب ، حدثنا جدي ، قال: حدثنا بعض أصحابنا: أن أبا نعيم خرج عليهم في شهر ربيع الأول من سنة سبع عشرة ومائتين ، يوما بالكوفة ، فجاء ابن لمحاضر بن المورع ، فقال له أبو نعيم : إني رأيت أباك البارحة [في النوم] فكأنه أعطاني درهمين ونصفا ، فما تؤولون هذا؟ فقلنا: خيرا [رأيت] فقال: أما أنا فقد أولتهما أني أعيش يومين ونصفا ، أو شهرين ونصفا ، أو سنتين ونصفا ، ثم ألحق [بأبيك] .

            فتوفي بالكوفة ليلة الثلاثاء لانسلاخ شعبان سنة تسع عشرة ومائتين . قالوا : وذلك بعد هذه الرؤيا بثلاثين شهرا تامة ، وقيل: توفي سنة ثمان عشرة .

            أبو عبد الله الرقاشي

            محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الملك ، أبو عبد الله الرقاشي .

            سمع مالك بن أنس ، وحماد بن زيد في آخرين ، وروى عنه: البرجلاني ، ومحمد بن إسماعيل البخاري ، وأبو حاتم الرازي ، وكان متقنا ثقة ، وكان يصلي في اليوم والليلة أربعمائة ركعة . وفيها توفي من الأعيان :

            عبد الله بن الزبير الحميدي .

            صاحب " " المسند " " ، وتلميذ الإمام الشافعي .

            وعلي بن عياش .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية