الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب


            ثم دخلت سنة ست وعشرين ومائتين

            فيها وثب علي بن إسحاق بن يحيى بن معاذ ، وكان على المعونة بدمشق من قبل صول أرتكين علي بن رجاء ، وكان على الخراج ، فقتله وأظهر الوسواس ، ثم تكلم فيه أحمد بن أبي دؤاد ، فأطلق من محبسه .

            وفيها مات ( محمد بن ) عبد الله بن طاهر فصلى عليه المعتصم .

            ذكر موت الأفشين  

            وفيها مات الأفشين ، وكان قد أنفذ إلى المعتصم يطلب أن ينفذ إليه من يثق به ، وأنفذ إليه حمدون بن إسماعيل ، فأخذ يعتذر عما قيل فيه ، وقال : قل لأمير المؤمنين إنما مثلي ومثلك كرجل ربى عجلا حتى أسمنه ، وكبر ، وكان له أصحاب يشتهون أن يأكلوا من لحمه ، فعرضوا بذبحه ، فلم يجبهم ، فاتفقوا جميعا على أن قالوا : لم تربي هذا الأسد ، فإنه إذا كبر رجع إلى جنسه ؟ ! فقال لهم : إنما هو عجل ، فقالوا : هذا أسد ، فسل من شئت . وتقدموا إلى جميع من يعرفونه ، وقالوا لهم : إن سألكم عن العجل ، فقولوا له : إنه أسد ، وكلما سأل إنسانا قال : هو سبع ، فأمر بالعجل ، فذبح ، ولكني أنا ذلك العجل كيف أقدر أن أكون أسدا ؟ الله الله في أمري .

            قال حمدون : فقمت عنه ، وبين يديه طبق فيه فاكهة قد أرسله المعتصم مع ابنه الواثق ، وهو على حاله ، فلم ألبث إلا قليلا حتى قيل إنه يموت ، أو قد مات ، فحمل إلى دار إيتاخ ، فمات بها ، وأخرجوه ، وصلبوه على باب العامة ليراه الناس ، ثم ألقي وأحرق بالنار ، وكان موته في شعبان .

            قال حمدون : وسألته هل هو مطهر أم لا ؟ فقال : ( إلى مثل هذا الموضع ) إنما قال لي هذا ، والناس مجتمعون ، ليفضحني إن قلت نعم ، قال : تكشف ، والموت كان أحب إلي من أن أتكشف بين يدي الناس ، ولكن إن شئت أتكشف بين يديك حتى تراني ، فقلت له : أنت صادق ، فلما انصرف حمدون وبلغ المعتصم رسالته أمر بقطع الطعام والشراب عنه ، إلا القليل ، حتى مات .

            قال : ولما أخذ ماله رأى في داره بيت تمثال لإنسان من خشب عليه حلية كثيرة وجوهر ، وفي أذنيه حجران مشتبكان ، عليهما ذهب ، فأخذ بعض من كان مع سليمان أحد الحجرين وظنه جوهرا ، وكان ذلك ليلا ، فلما أصبح نزع عنه الذهب ، ووجده شيئا شبيها بالصدف يسمى الحبرون ، ووجدوا أصناما وغير ذلك ، والأطواف الخشب التي أعدها ، ووجدوا له كتابا من كتب المجوس ، وكتبا غيره فيها ديانته . ذكر وفاة الأغلب وولاية أبي العباس محمد بن الأغلب إفريقية وما كان منه  

            في هذه السنة ، في ربيع الآخر ، ( توفي الأغلب بن إبراهيم يوم الخميس لسبع بقين من ربيع الآخر من هذه السنة ، وكانت ولايته سنتين وسبعة أشهر وسبعة أيام .

            ولما توفي ) ولي أبو العباس محمد بن الأغلب بن إبراهيم بن الأغلب بلاد إفريقية بعد وفاة والده ، ودانت له إفريقية ، وابتنى مدينة بقرب تاهرت سماها العباسية في سنة تسع وثلاثين ومائتين ، فأحرقها أفلح بن عبد الوهاب الإباضي ، وكتب إلى الأموي ، صاحب الأندلس ، يعلمه ذلك ، فبعث إليه الأموي مائة ألف درهم جزاء له على فعله .

            وتوفي محمد بن الأغلب يوم الاثنين غرة المحرم من سنة اثنتين وأربعين ومائتين ، وكانت ولايته خمس عشرة سنة وثمانية أشهر وعشرة أيام . ذكر عدة حوادث

            في هذه السنة زلزلت الأهواز زلزلة شديدة  ، خمسة أيام ، وكان مع الزلزلة ريح شديدة ، فخرج الناس عن منازلهم ، وخرب كثير منها .

            وفيها حج بالناس محمد بن داود ، أمره أشناس بذلك ، وكان أشناس حاجا ، وقد جعل إليه ولاية كل بلد يدخله ، وخطب له على منابر مكة والمدينة وغيرهما من البلاد التي اجتاز بها بالإمرة إلى أن عاد إلى سامرا . وفيها:

            ما ذكر ابن حبيب الهاشمي في ليلة الاثنين النصف من جمادى الآخرة: مطر أهل تيماء مطرا وبردا كالبيض ،  فقتل بها ثلاثمائة وسبعين إنسانا ، وهدم دورا ، وسمع في ذلك صوت يقول: ارحم عبادك ، اعف عن عبادك ، ونظروا إلى أثر قدم طولها ذراع بلا أصابع وعرضها شبرين ، من الخطوة إلى الخطوة خمسة أذرع أو ست ، فاتبعوا الصوت ، فجعلوا يسمعون صوتا ولا يرون شخصا .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية