الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر  

            حاتم الأصم

            حاتم الأصم ،  وهو : حاتم بن عنوان . وقيل : حاتم بن يوسف ، أبو عبد الرحمن البلخي .

            وهو مولى المثنى بن يحيى المحاربي . أسند الحديث عن شقيق بن إبراهيم ، وشداد بن حكيم ، وعبد الله بن المقدام ، ورجاء بن محمد الصاغاني .

            روى عنه : حمدان بن ذي النون ، ومحمد بن فارس البلخيان ، ومحمد بن مكرم الصفار .

            فأما تسمية الأصم : يقول أبا علي الحسن بن علي الدقاق : جاءت امرأة فسألت حاتما عن مسألة ، فاتفق أن خرج منها ريح لها صوت فخجلت ، فقال لها حاتم : ارفعي من صوتك ، فأرى من نفسه أنه أصم ، فسرت المرأة بذلك وقالت : إنه لم يسمع الصوت ، فغلب عليه الأصم .

            وقال أبو عبد الله الخواص - وكان من [علية ] أصحاب حاتم - قال :

            لما دخل حاتم بغداد اجتمع إليه أهلها فقالوا له : أنت رجل أعجمي ، ليس يكلمك أحد إلا قطعته لأي معنى ؟

            قال حاتم : معي ثلاث خصال ، أظهر بها على خصمي ، قالوا : ما هي ؟

            قال : أفرح إذا أصاب خصمي ، وأحزن إذا أخطأ ، وأحفظ نفسي لأتجاهل عليه ، فبلغ ذلك أحمد بن حنبل فقال : سبحان الله ما كان أعقله من رجل .

            وعن علي بن الموفق قال : سمعت حاتما الأصم يقول : لقينا الترك ، وكان بيننا جولة ، فرماني تركي بوهق فقلبني عن فرسي ، ونزل عن دابته فقعد على صدري ، وأخذ بلحيتي هذه الوافرة ، وأخرج من خفه سكينا ليذبحني [به ] ، فو حق سيدي ما كان قلبي عنده أولا عند سكينه ، إنما كان قلبي عند سيدي ، أنظر ماذا ينزل به القضاء [منه ] ! فقلت :

            يا سيدي ، إن قضيت على أن يذبحني هذا فعلى الرأس والعين ، إنما أنا لك وملكك ، فبينا أنا أخاطب سيدي وهو قاعد على صدري آخذ بلحيتي ليذبحني ، إذ رماه بعض المسلمين [بسهم ] فما أخطأ حلقه ، فسقط عني ، فقمت أنا إليه فأخذت السكين من يده فذبحته ! فما هو إلا أن تكون قلوبكم عند السيد حتى تروا من عجائب لطفه ما لم تروا من الآباء والأمهات .

            وقال سعدون الرازي : كنت مع حاتم وكان يتكلم ، فقل كلامه فقيل له في ذلك ، فقال : قد كنت تتكلم فينتفع بك الناس ؟ قال : إني لا أحب أن أتكلم بكلمة قبل أن أستعد جوابها لله ، فإذا قال الله [تعالى لي ] يوم القيامة : لم قلت كذا ؟ قلت : يا رب لكذا .

            توفي حاتم الأصم [على جبل واشجرد ] في هذه السنة .

            حيان بن بشر بن المخارق الأسدي الأصبهاني

            حيان بن بشر بن المخارق الأسدي الأصبهاني   .

            سمع هشيم بن بشير ، وأبا يوسف القاضي ، وأبا معاوية وغيرهم .

            روى عنه : أبو القاسم البغوي ، وكان من أصحاب الرأي ، قد ولي القضاء بأصبهان في أيام المأمون ، ثم عاد إلى بغداد ، فأقام بها إلى أن ولاه المتوكل قضاء الشرقية .

            وكان حيان بن بشر قد ولي قضاء بغداد ، وقضاء أصبهان ، وكان من جلة أصحاب الحديث ، فروى يوما أن عرفجة قطع أنفه يوم الكلاب ، وكان مستمليه رجلا يقال له : كجة ، فقال : أيها القاضي ، إنما هو يوم الكلاب ، فأمر بحبسه ، فدخل الناس إليه ، وقالوا : ما دهاك ؟ فقال : قطع أنف عرفجة في الجاهلية ، وامتحنت أنا به في الإسلام .

            توفي حيان في هذه السنة ، وقيل : سنة ثمان .

            عبد الله بن مطيع بن راشد البكري

            عبد الله بن مطيع بن راشد البكري   .

            سمع هشيما ، وابن المبارك .

            روى عنه : البغوي ، وكان ثقة . توفي في ذي الحجة من هذه السنة .

            أبو يحيى الباهلي المعروف بالنرسي

            عبد الأعلى بن حماد ، أبو يحيى الباهلي ، المعروف بالنرسي   .

            ونرس لقب لجده ، لقبته النبط ، وكان اسمه نصرا فقالوا : نرس .

            سكن [عبد الأعلى ] بغداد ، وحدث بها عن مالك ، والحمادين .

            روى عنه : البخاري ، ومسلم في صحيحيهما .

            وقال عبد الأعلى بن حماد

            قدمت على المتوكل بسامراء ، فدخلت عليه يوما فقال : يا أبا يحيى ، قد كنا هممنا لك بأمر ، فتدافعت الأيام [به ] ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، سمعت مسلم بن خالد الزنجي يقول : سمعت جعفر بن محمد يقول : من لم [يشكر ] الهمة لم يشكر النعمة ، فأنشدته :


            لأشكرنك معروفا هممت به إن اهتمامك بالمعروف معروف     ولا أذمك إن لم يمضه قدر
            فالشيء بالقدر المحتوم معروف

            فجذب الدواة فكتبها ، ثم قال : ينجز لأبي يحيى ما كنا هممنا له به وهو كذا وكذا ، ويضعف لخبره هذا . توفي عبد الأعلى بالبصرة في هذه السنة .

            1410 - معمر بن منصور ، أبو مسلم الإفريقي الكندي   .

            قاضي المغرب ، وله كتب مصنفة في الفقه ، توفي في هذه السنة . وفيها توفي العباس بن الوليد المديني بالبصرة ، وعبيد الله بن معاذ العنبري .

            وفيها توفي عبد الأعلى بن حماد ، وأبو كامل الفضيل بن الحسين الجحدري .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية