الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            من توفي في سنة أربع وخمسين ومائتين من الأكابر  

            بغا الشرابي بغا الشرابي  

            كان قد طغى وخالف أمر المعتز ، واستبد بالأموال والأمر ، فركب المعتز ليلا وقد تشاغل بغا بتزويجه صالح بن يوسف ابنته ، فوثب بغا على مال السلطان ومال أمه ، فأوقر منه عشرين بغلا فوقعوا به فقتلوه ، وجاءوا برأسه إلى المعتز ، فنصبه بسامراء ، وأعطى الذي جاء برأسه عشرة آلاف دينار ، ثم حدر برأسه إلى مدينة السلام ، وأمر بإحراق جسده ، وحبس جماعة من ولده ، ونفى خمسة من صغارهم إلى عمان والبحرين ، ونجا يونس بن بغا إلى بختيشوع .



            سلم بن جنادة بن سلم بن خالد بن جابر بن سمرة ، أبو السائب السوائي الكوفي سلم بن جنادة بن سلم بن خالد بن جابر بن سمرة ، أبو السائب السوائي الكوفي   .

            ولد سنة أربع وسبعين ومائة ، فقدم بغداد وحدث بها عن ابن إدريس ، وابن فضيل ، ووكيع ، وأبي معاوية ، وحفص بن غياث ، ومعاوية ، وأبي نعيم .

            روى عنه: ابن صاعد ، والمحاملي ، وابن مخلد ، قال: البرقاني: هو ثقة حجة ، لا يشك فيه ، يصلح للصحيح .

            توفي في جمادى الآخرة من هذه السنة ، وله ثمانون سنة .

            1 علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب  ، أبو الحسن الهاشمي .

            أحد من يعتقد فيه الشيعة الإمامة ، أشخصه المتوكل في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بغداد ، ثم إلى سامراء فقدمها ، وأقام بها في هذه السنة [ودفن] في داره فلإقامته بالعسكر عرف بأبي الحسن العسكري ، وصلى عليه أبو أحمد بن المتوكل .

            وعن الحسين بن يحيى قال: اعتل المتوكل في أول خلافته ، فقال: لئن برئت لأتصدقن بدنانير كثيرة ، فلما برئ جمع الفقهاء فسألهم عن ذلك ، فاختلفوا ، فبعث إلى علي بن محمد بن علي بن موسى ، فقال: تتصدق بثلاثة وثمانين دينارا . فعجب قوم من ذلك ، وتعصب قوم عليه ، وقالوا: تسأله يا أمير المؤمنين من أين له هذا ، فرد الرسول إليه .

            فقال: قل لأمير المؤمنين: في هذا الوفاء بالنذر؛ لأن الله تعالى قال: لقد نصركم الله في مواطن كثيرة [9: 25] فروى أهلنا جميعا أن المواطن في الوقائع والسرايا والغزوات كانت ثلاثة وثمانين موطنا ، وأن يوم حنين كان الرابع والثمانين ، وكلما زاد أمير المؤمنين في فعل الخير كان أنفع له وأجدى عليه في الدنيا والآخرة .

            محمد بن عبد الله بن المبارك ، أبو جعفر المخرمي محمد بن عبد الله بن المبارك ، أبو جعفر المخرمي .  

            قاضي حلوان ، سمع يحيى بن سعيد القطان ، وابن مهدي ، ووكيعا ، وغيرهم .

            [روى عنه البخاري في صحيحه ، وإبراهيم الحربي ، والنسائي ، والباغندي ، وابن صاعد] . وكان ثقة ، عالما بالحديث ، متقنا ، مبرزا على الحفاظ .

            محمد بن منصور بن داود بن إبراهيم ، أبو جعفر العابد الطوسي محمد بن منصور بن داود بن إبراهيم ، أبو جعفر العابد الطوسي .

            سمع إسماعيل بن علية ، وسفيان بن عيينة ، وعفان بن مسلم في آخرين . روى عنه: البغوي ، وابن صاعد ، والمحاملي ، وغيرهم . وكان ثقة خيرا صالحا .

            وعن أحمد بن محمد بن الفضل قال: سمعت محمد بن منصور الطوسي وحواليه قوم فقالوا له: يا أبا جعفر ، إيش اليوم عندك؟ قد شك الناس فيه ، يوم عرفة هو أو غيره؟ فقال: اصبروا .

            فدخل البيت ثم خرج فقال: هو عندي يوم عرفة . فاستحيوا أن يقولوا له: من أين لك ذلك؟ فعدوا الأيام والليالي ، فكان اليوم الذي قال محمد بن منصور يوم عرفة . قال أبو العباس: [وكنت أصغر القوم] ، فجاء إليه أبو بكر بن سلام الوراق مع جماعة فسمعت ابن سلام يقول: من أين علمت أنه يوم عرفة؟ قال: دخلت البيت فسألت ربي تعالى فأراني الناس في الموقف .

            توفي الطوسي يوم الجمعة لست بقين من شوال من هذه السنة ، وله ثمان وثمانون سنة .

            1565 المؤمل بن إهاب بن عبد العزيز ، أبو عبد الرحمن الربعي المؤمل بن إهاب بن عبد العزيز ، أبو عبد الرحمن الربعي   .

            كوفي ، قدم بغداد ، وحدث بها عن أبي داود الطيالسي ، ويزيد بن هارون ، وعبد الرزاق ، وغيرهم . روى عنه ابن أبي الدنيا ، والنسائي ، والباغندي ، وكان صدوقا .

            وله مع أصحاب الحديث قصة: وعن علي بن محمد بن سليمان قال:

            قدم مؤمل بن إهاب الرملة ، فاجتمع عليه أصحاب الحديث ، وكان ذعرا متمنعا ، فألحوا عليه فامتنع أن يحدثهم فمضوا بأجمعهم ، وألفوا منهم فئتين فتقدموا إلى القاضي ، وقالوا: إن لنا عبدا خلاسيا له علينا حق صحبة وتربية ، وقد كان أدبنا فأحسن التأديب ، وآلت بنا الحال إلى الإضاقة بحمل المحبرة [لطلب الحديث ، وإنا] قد أردنا بيعه فامتنع علينا . فقال لهم السلطان: وكيف أعلم صحة ما ذكرتم؟ قالوا: إن معنا بالباب جماعة من جملة الأرباب ، وطلاب العلم ، وثقات الناس . نكتفي بالنظر إليهم دون السؤال عنهم ، وهم يعلمون ذلك فتأذن بوصولهم [إليك] لتسمع منهم . فأدخلهم ، وسمع منهم مقالتهم ووجه خلف المؤمل بالشرط والأعوان يدعونه إلى السلطان ، فتعزز فجذبوه وجروه ، فلما دخل عليه قال له: ما يكفيك ما أنت فيه من الإباق ، حتى تتعزز على السلطان ، امضوا به إلى الحبس .

            فحبس مؤمل ، وكان من هيئته أنه أصفر طوال ، خفيف اللحية ، يشبه عبيد [أهل] الحجاز ، فلم يزل في حبسه أياما حتى علم جماعة من إخوانه ، فصاروا إلى السلطان وقالوا: إن هذا مؤمل بن إهاب في حبسك مظلوم . فقال لهم: ومن ظلمه؟ قالوا: أنت . قال: ما أعرف من هذا شيئا ، من مؤمل هذا؟ قالوا: الشيخ الذي اجتمع عليه الجماعة . قال: ذاك العبد الآبق؟ فقالوا: ما هو بعبد آبق بل هو إمام من أئمة المسلمين في الحديث .

            فأمر بإخراجه وسأله عن حاله ، وصرفه وسأله أن يحله ، فلم ير مؤمل بعد ذلك متمنعا امتناعه الأول حتى لحق بالله تعالى .

            توفي مؤمل بالرملة في رجب هذه السنة . وممن توفي فيها من الأعيان : زياد بن يحيى الحسانى   .

            أبو الحسن علي الهادي وأما أبو الحسن علي الهادي   .

            فهو ابن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين الشهيد بن علي بن أبي طالب أحد الأئمة الاثني عشر ، وهو والد الحسن بن علي العسكري المنتظر عند الفرقة الضالة الجاهلية الكاذبة الخاطئة .

            وقد كان عابدا زاهدا ، نقله المتوكل إلى سامرا فأقام بها أزيد من عشرين سنة بأشهر ، ومات بها في هذه السنة .

            وقد ذكر للمتوكل أن بمنزله سلاحا وكتبا كثيرة من الناس فأرسل فكبسه فوجدوه جالسا مستقبل القبلة ، وعليه مدرعة من صوف وهو على بسيط الأرض ليس دونها حائل فأخذوه كذلك فحملوه إلى المتوكل وهو على شرابه ، فلما مثل بين يديه أجله وعظمه وأجلسه إلى جانبه وناوله الكأس الذي في يده فقال : يا أمير المؤمنين إنه لم يخالط لحمي ودمي قط ، فأعفني منه . فأعفاه ثم قال له : أنشدني شعرا . فأنشده :


            باتوا على قلل الأجبال تحرسهم غلب الرجال فما أغنتهم القلل     واستنزلوا بعد عز عن معاقلهم
            فأودعوا حفرا يا بئس ما نزلوا     ناداهم صارخ من بعد ما قبروا
            أين الأسرة والتيجان والحلل     أين الوجوه التي كانت منعمة
            من دونها تضرب الأستار والكلل     فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم
            تلك الوجوه عليها الدود يقتتل     قد طال ما أكلوا دهرا وما شربوا
            فأصبحوا بعد طول الأكل قد أكلوا

            قال : فبكى المتوكل حتى بل الثرى وبكى من حوله بحضرته وأمر برفع الشراب وأمر له بأربعة آلاف دينار ورده إلى منزله مكرما رحمه الله . ( وفيها توفي أبو الوليد بن عبد الملك بن قطن النحوي القيرواني  بها ، وكان إماما في النحو واللغة ، وإماما بالعربية ، قيل : مات سنة خمس وخمسين [ ومائتين ] وهو أصح ) .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية