الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            من توفي في سنة سبع وخمسين ومائتين من الأكابر  

            أحمد بن إبراهيم بن أيوب ، أبو علي المسوحي أحمد بن إبراهيم بن أيوب ، أبو علي المسوحي

            صحب سريا السقطي ، وسمع ذا النون ، وحدث عن محمد بن يحيى بن عبد الكريم ، وروى عنه الخالدي .

            وعن محمد بن الحسين السلمي قال: أحمد بن إبراهيم المسوحي من جلة مشايخ بغداد وظرافهم ومتوكليهم .

            سمعت الحسين بن يحيى يقول: سمعت جعفرا -يعني الخواص- يقول: كان أحمد بن إبراهيم المسوحي يحج بقميص ورداء ونعل طاق ، ولا يحمل معه شيئا لا ركوة ، ولا كوزا ، إلا كوزا يكون فيه تفاح شامي يشمه من جوف بغداد إلى مكة ، وكان من أفاضل الناس .

            إبراهيم بن أحمد بن عبد الله بن يعيش ، أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن عبد الله بن يعيش ، أبو إسحاق .

            سمع يزيد بن هارون ، وأنفق على بابه نحو عشرة آلاف درهم ، وسمع عن الوليد بن عطاء والواقدي وخلقا كثيرا ، وكان ثقة فهما . صنف "المسند" وكان قد انتقل إلى همذان فسكنها ، وتوفي في هذه السنة .

            إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد البصري إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد البصري .

            حدث عن أبيه ، ومعتمر ، ومحمد بن فضيل ، وأبي معاوية .

            روى عنه أبو بكر بن أبي داود ، وابن صاعد ، وكان ثقة مأمونا .

            وتوفي في جمادى الآخرة من هذه السنة .

            وعن أبو أيوب سليمان بن إسحاق الجلاب قال:] قال إبراهيم الحربي: كان بالبصرة يغسل محمد بن سيرين ، ثم كان بعده أيوب ، ثم كان بعد أيوب حماد بن زيد ، ثم كان بعد حماد سليمان بن حرب ، ثم افترق بعد ذلك [فصار] إلى الشهيدي ، وحسن بن المثنى ، فمات الشهيدي ها هنا وبقي حسن بالبصرة ، فهو يغسل على ذلك .

            الحسن بن عبد العزيز ، أبو علي الجذامي ، ويعرف بالجروي الحسن بن عبد العزيز ، أبو علي الجذامي ، ويعرف بالجروي .

            من أهل مصر ، قدم بغداد ، وحدث بها ، فروى عنه ابن أبي الدنيا ، والحربي ، وابن صاعد [ومحمد بن عبدوس بن كامل] وجماعة آخرهم المحاملي ، وكان من أهل الفضل والدين والورع والثقة والعبادة . قال الدارقطني: لم ير مثله فضلا وزهدا .

            وعن جعفر بن محمد بن الحسن بن عبد العزيز الجروي قال: سمعت جدي يقول: من لم يردعه القرآن والموت ، ثم تناطحت الجبال بين يديه لم يرتدع .  

            توفي الجروي في رجب هذه السنة .

            الحسن بن عرفة بن يزيد ، أبو علي العبدي الحسن بن عرفة بن يزيد ، أبو علي العبدي .

            ولد في سنة ثمان وخمسين ومائة ، وفيها ولد يحيى بن معين ، وقيل: بل ولد سنة خمسين ومائة . وسمع إسماعيل بن عياش ، وعبد الله بن المبارك ، وعيسى بن يونس ، وهشيم بن بشير ، وإسماعيل بن علية ، ويزيد بن هارون ، وأبا بكر بن عياش وغيرهم .

            روى عنه: عبد الله بن أحمد ، والبغوي ، وابن صاعد ، وغيرهم .

            وعن أحمد بن محمد بن حكيم قال: سمعت الحسن بن عرفة وقد سئل كم تعد من السنين؟ قال: مائة سنة وعشر سنين ، لم يبلغ أحد من أهل العلم هذا السن غيري .

            وعن أحمد بن علي الخطيب قال: سمعت هبة الله بن الحسن الطبري يقول: سمعت علي بن محمد بن يعقوب يقول: سمعت عبد الرحمن بن أبي حاتم يقول: عاش الحسن بن عرفة مائة وعشر سنين ، وكان له عشرة أولاد سماهم بأسامي الصحابة: أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وطلحة ، والزبير ، وسعد ، وسعيد ، وعبد الرحمن ، وأبو عبيدة .

            وعن محمد بن المسيب قال: سمعت الحسن بن عرفة يقول: قد كتب عني خمسة قرون .

            توفي الحسن بن عرفة في هذه السنة .



            زيد بن أخرم ، أبو طالب (الطائي البصري) زيد بن أخرم ، أبو طالب (الطائي البصري) .

            حدث عن عبد الرحمن بن مهدي ، وسلم بن قتيبة ، ووهب بن جرير ، وغيرهم .

            روى عنه: البغوي ، وابن صاعد ، والمحاملي ، وغيرهم . وكان ثقة .

            وعن محمد بن العباس قال: قال لنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الكندي: زيد بن أخرم ذبحه الزنج ذبحا بعد دخولهم البصرة سنة سبع وخمسين ومائتين .

            زهير بن عمر بن محمد بن قمير بن شعبة ، أبو حمد زهير بن عمر بن محمد بن قمير بن شعبة ، أبو حمد .

            مروزي الأصل . سمع يعلى بن عبيد ، والقعنبي وعبد الرزاق وغيرهم . روى عنه البغوي وابن صاعد ، وكان ثقة ورعا زاهدا .

            وعن البغوي: ما رأيت بعد أحمد بن حنبل أفضل من زهير ، سمعته يقول: أشتهي لحما منذ أربعين سنة ، ولا آكله حتى أدخل الروم ، فآكله من مغانم الروم .



            وعن محمد بن زهير بن قمير قال: كان أبي يجمعنا في وقت ختمة القرآن في شهر رمضان في كل يوم وليلة ثلاث مرات تسعين ختمة في شهر رمضان .

            سكن زهير بغداد ، ثم انتقل إلى طرسوس فرابط بها إلى أن مات ، فدفن بها في أواخر هذه السنة ، وقيل في سنة ثمان وخمسين [ومائتين] وقال أبو الحسين بن المنادي: إنه دفن في مقابر باب حرب . قال الخطيب وهو وهم . والصحيح الأول .

            سليمان بن معبد ، أبو داود النحوي السنجي المروزي سليمان بن معبد ، أبو داود النحوي السنجي المروزي .

            سمع النضر بن شميل والهيثم بن عدي ، وعبد الرزاق ، والأصمعي ، ورحل في العلم إلى العراق ، والحجاز ومصر واليمن ، وقدم بغداد فذاكر الحفاظ بها .

            روى عنه: مسلم بن الحجاج ، وأبو بكر بن أبي داود ، وكان ثقة .

            توفي في ذي الحجة من هذه السنة .



            العباس بن الفرج ، أبو الفضل الرياشي العباس بن الفرج ، أبو الفضل الرياشي ، مولى محمد بن سليمان [بن علي بن عبد الله بن العباس] ، من أهل البصرة .

            ورياش: رجل من جذام ، وكان أبو العباس عبدا له ، فبقي عليه نسبه ، وكان الرياشي من الأدب بمحل . قال: وكان من الثقات الحفاظ يحفظ كتب أبي زيد ، وكتب الأصمعي كلها ، وقد سمع منه ، وقرأ على أبي عثمان المازني "كتاب سيبويه" فكان المازني يقول: قرأ علي الرياشي الكتاب ، وهو أعلم به مني .

            وتوفي في هذه السنة ، قتله الزنج .

            وعن الأصمعي قال: خطبنا الرياشي بالبادية فحمد الله ، وأثنى عليه ، ووحده ، واستغفره ، وصلى على نبيه  فبلغ في الإيجاز ، ثم قال:

            أيها الناس ، إن الدنيا دار بلاء ،  والآخرة دار قرار ، فخذوا لمقركم من ممركم ، ولا تهتكوا أستاركم عند من لا يخفى عليه أسراركم ، في الدنيا أنتم ولغيرها خلقتم ، أقول قولي هذا وأستغفر الله ، والمصلى عليه رسول الله ، والمدعو له الخليفة والأمير جعفر بن سليمان .



            وعن أبو عبد الله الحسين بن هارون الضبي قال: وجدت في كتاب أبي: أنشدني أبو عبد الله محمد بن عمر الكاتب قال: أنشدني المبرد ، عن الرياشي:


            فلو أن لحمي إذ وهى لعبت به أسود كرام أو ضباع وأذؤب     لهون من وجدي وسلى مصيبتي
            ولكنما أودى بلحمي أكلب

            قال أحمد بن محمد الأسدي: وفي كتابه قال: وأنشدني أبو عبد الله قال: أنشدني أبي قال: أنشدني الرياشي:


            وتجزع نفس المرء من سب [مرة]     وتسمع عشرا بعدها ثم تسكت

            وعن محمد بن القاسم الأنباري] قال: [أنشدنا] أحمد بن محمد الأسدي قال: أنشدنا الرياشي:


            إن الغصون إذا قومتها اعتدلت     ولا يلين إذا قومته الخشب
            قد ينفع الأدب الأحداث في مهل     وليس ينفع في ذي الشيبة الأدب

            وعن علي بن أبي أمية قال: لما كان من دخول الزنج البصرة ما كان ، وقتلوا بها من قتلوا ، وذلك في شوال سنة سبع وخمسين ومائتين ، بلغنا أنهم دخلوا على الرياشي المسجد بأسيافهم ، والرياشي قائم يصلي الضحى ، فضربوه بالأسياف ، وقالوا: هات المال! فجعل الرياشي يقول: أي مال؟ حتى مات ، فلما خرج الزنج عن البصرة دخلناها فمررنا ببني مازن وهناك كان ينزل الرياشي فدخلنا مسجده ، فإذا به ملقى مستقبل القبلة كأنما وجه إليها ، وإذا شملة تحركها الريح ، وقد تمزقت ، وإذا جميع خلقه صحيح سوي لم ينشق له بطن ، ولم يتغير له حال ، إلا أن جلده قد لصق بأعظمه ويبس ، وذلك بعد مقتله بسنتين رحمه الله .

            فضل الشاعرة فضل الشاعرة .

            كانت من مولدات البصرة ، وأمها من مولدات اليمامة ، وبها ولدت ، ونشأت في دار رجل من بني عبد القيس فأدبها وخرجها وباعها فكانت [فصيحة أديبة] ولم يكن [في زمانها] امرأة أشعر منها ، فاشتراها محمد بن المفرج الرخجي ، فأهداها إلى المتوكل ، فلما أدخلت عليه قال لها: أشاعرة أنت؟ قالت: كذا يزعم من باعني ومن اشتراني ، فقال: أنشديني من شعرك ، فقالت:


            استقبل الملك إمام الهدى     عام ثلاث وثلاثينا
            خلافة أفضت إلى جعفر     وهو ابن سبع بعد عشرينا
            إنا لنرجو يا إمام الهدى     أن تملك الأمر ثمانينا
            لا قدس الله امرأ لم     يقل عند دعائي لك آمينا

            فقال المتوكل لعلي بن الجهم: قل بيتا وطالب فضل الشاعرة بأن تجيزه ، فقال [علي]: أجيزي يا فضل .




            لاذ بها يشتكي إليها     فلم يجد عندها ملاذا

            فأطرقت هنيهة ثم قالت:


            ولم يزل ضارعا إليها     تهطل أجفانه رذاذا
            فعاتبوه فزاد عشقا     فمات وجدا فكان ماذا

            فطرب المتوكل ، فقال: أحسنت وحياتي يا فضل ، وأمر لها بألفي دينار .

            وألقى عليها يوما أبو دلف العجلي:


            قالوا عشقت صغيرة فأجبتهم     أشهى المطي إلي ما لم يركب
            كم بين حبة لؤلؤ مثقوبة     لبست وحبة لؤلؤ لم تثقب

            فقالت:


            إن المطية لا يلذ ركوبها     ما لم تذلل بالزمام وتركب
            والحب ليس بنافع أصحابه     ما لم يؤلف للنظام ويثقب

            وكتبت [فضل] إلى بنان:


            يا نفس صبرا إنها ميتة     يجرعها الكاذب والصادق
            ظن بنان أنني خنته     روحي إذا من جسدي طالق

            محمد بن حسان بن فيروز ، أبو جعفر الأزرق مولى معن بن زائدة محمد بن حسان بن فيروز ، أبو جعفر الأزرق مولى معن بن زائدة .

            سمع سفيان بن عيينة ، وابن مهدي ، ووكيعا ، وغيرهم . وكان صدوقا .

            وتوفي في ذي القعدة] .

            وفيها توفي محمد بن الخطاب الموصلي ، وكان ( من أهل العلم والزهد ) . وممن توفي فيها من الأعيان : الرؤاسي  ، ذبحه الزنج في جملة من قتلوا من أهل البصرة كما قدمنا قصتهم - قبحهم الله - وما قتلوا من المسلمين رحمهم الله . وعلي بن خشرم  ، وأبو سعيد الأشج   ; أحد مشايخ مسلم الذين يكثر عنهم .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية