الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر من توفي في سنة ست وسبعين ومائتين من الأكابر

            بقي بن مخلد ، أبو عبد الرحمن الأندلسي بقي بن مخلد ، أبو عبد الرحمن الأندلسي   .

            كانت له رحلة مشهورة ، وطلب مشهور . سمع من أحمد بن حنبل وغيره من الأئمة ، وله تصانيف كثيرة منها "مسنده" . روى فيه عن ألف وستمائة صحابي  ، بل يزيدون على هذا العدد ، وشيوخه أعلام ، فإنه روى عن مائتي رجل وأربعة وثلاثين ، جمهورهم مشاهير ، وجمع إلى العلم الصلاح والتقوى .

            وعن نصر بن أحمد بن عبد الملك يقول : سمعت عبد الرحمن بن أحمد يقول : سمعت أبي يقول : جاءت امرأة إلى ابن مخلد فقال : إن ابني قد أسره الروم ، ولا أقدر على مال أكثر من دويرة ، ولا أقدر على بيعها ، فلو أشرت إلى من يفديه بشيء ، فليس لي ليل ولا نهار ، ولا نوم ولا قرار . فقال : انصرفي حتى أنظر في أمره إن شاء الله تعالى .

            قال : وأطرق الشيخ وحرك شفتيه . قال : فلبثنا مدة فجاءت المرأة مع ابنها ، وأخذت تدعو له وتقول : قد رجع سالما وله حديث يحدثك به . فقال الشاب : كنت في يدي بعض ملوك الروم مع جماعة من الأسارى ، وكان له إنسان يستخدمنا كل يوم ، نخرج إلى الصحراء ، ثم يردنا وعلينا قيودنا فبينا نحن نجيء من العمل بعد المغرب ، انفتح القيد من رجلي ، ووقع على الأرض ، ووصف اليوم والساعة فوافق الوقت الذي جاءت المرأة ودعا الشيخ . قال : فنهض إلي الذي كان يحفظني صاح علي وقال : قد كسرت القيد . قلت : لا إنه سقط من رجلي . فتحير وأخبر صاحبه ، وأحضر الحداد وقيدني ، فلما مشيت خطوات سقط القيد من رجلي ، فتحيروا في أمري ، فدعوا رهبانهم فقالوا لي : ألك والدة؟ قلت : نعم . قالوا : قد وافق دعاءها الإجابة . وقالوا : أطلقك الله لا يمكننا نقيدك . فردوني ، وأصحبوني إلى ناحية المسلمين . وتوفي بقي بن مخلد بالأندلس في هذه السنة .

            جعفر بن أحمد بن العباس ، أبو الفضل جعفر بن أحمد بن العباس ، أبو الفضل .

            سمع من جماعة ، وروى عنه : محمد بن مخلد ، وأحمد بن كامل القاضي . قال الدارقطني : ثقة مأمون   . توفي بالبصرة قاضيا في ربيع الأول من هذه السنة .

            صاعد بن مخلد صاعد بن مخلد .

            من عمال السلطان ، كان كثير التعبد والصدقة ، وكان ينفرد فيصلي ويدعو وأصحابه يرون أنه في عمل السلطان ، وكان لا يركب حتى ينفذ صدقاته من الدراهم والدنانير والثياب والدقيق في كل يوم .

            وقال نصر الحاجب : رأيت ليلة مات صاعد في المنام كأن قائلا يقول : صر إلى شط دجلة إلى مكان كذا وكذا إلى مسجد هناك ، حتى عرفت الموضع ، فأقم حتى تصلي على رجل من أهل الجنة . فصرت إلى الموضع ، فإذا خدم سود قد عبروا من دار ابن طاهر بعد العصر ، ومعهم جنازة ، فصعدوا بها إلى المسجد ، فصليت على الرجل ، وسألت عنه فقالوا : هذا صاعد بن مخلد .

            عبد الله بن أحمد بن إبراهيم بن كثير ، أبو العباس الدورقي عبد الله بن أحمد بن إبراهيم بن كثير ، أبو العباس الدورقي .

            سمع من عفان وغيره ، روى عنه : ابن صاعد ، وابن مخلد ، والمحاملي ، وكان يسكن سر من رأى ، وقدم بغداد فحدث بها . وقال الدارقطني : هو ثقة   .

            وعن محمد بن العباس قال : قرئ على ابن المنادي وأنا أسمع قال : ] قدم علينا [ عبد الله بن أحمد بن إبراهيم ] فسمعنا منه . ثم [ قال : قرئ أنه ] زلق من الدرجة في الدار التي نزلها ، فمات ، وذلك في ربيع الأول من هذه السنة .

            عبد الله بن مسلم بن قتيبة ، [أبو محمد] الكاتب المروزي عبد الله بن مسلم بن قتيبة ، [أبو محمد] الكاتب المروزي  ، وقيل : الدينوري لأنه أقام بالدينور مدة .

            سكن بغداد ، وحدث بها عن إسحاق بن راهويه ، وأبي حاتم وغيرهما . وكان عالما ، ثقة ، دينا ، فاضلا وله التصانيف المشهورة ، منها : "غريب القرآن" و "غريب الحديث" و "مشكل القرآن" و "ومشكل الحديث" و "المعارف" و "أدب الكاتب" و "عيون الأخبار" وغير ذلك .

            وعن محمد بن العباس قال : قرئ على ابن المنادي وأنا أسمع قال : مات عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري صاحب التصانيف فجأة ، فصاح صيحة سمعت من بعد ، ثم أغمي عليه فمات .

            قال ابن المنادي : ثم إن أبا القاسم إبراهيم بن محمد بن أيوب بن بشير الصائغ أخبرني أن ابن قتيبة أكل هريسة ، فأصابه حرارة ، فصاح صيحة شديدة ، ثم أغمي عليه إلى وقت صلاة الظهر ، ثم اضطرب [ ساعة ] ثم هدأ ، فما زال يتشهد إلى وقت السحر ، ثم مات وذلك أول ليلة من رجب سنة ست وسبعين .

            وقد روي أنه مات سنة سبعين ، والأول أصح . وذكر [ بعض ] أهل العلم بالنقل أنه مات بالكوفة ، ودفن إلى جنب قبر أبي حازم القاضي .

            عبد الملك بن محمد بن عبد الله ، أبو قلابة الرقاشي عبد الملك بن محمد بن عبد الله ، أبو قلابة الرقاشي .

            ولد سنة تسعين ومائة ، وكان يكنى أبا محمد ، فكني بأبي قلابة ، وغلبت عليه . سمع يزيد بن هارون ، وأبا داود الطيالسي ، وروح بن عبادة ، وخلقا كثيرا .

            روى عنه : ابن صاعد ، والمحاملي ، والنجاد ، وأبو بكر الشافعي ، وكان صدوقا  من أهل الخير ، وكان يصلي كل يوم أربع مائة ركعة ، وحدث من حفظه بستين ألف حديث ، فوقع في بعضها الخطأ .

            توفي في [ شوال ] هذه السنة .

            محمد بن أبي العوام واسمه : أحمد بن يزيد بن دينار ، أبو بكر الرياحي التميمي محمد بن أبي العوام واسمه : أحمد بن يزيد بن دينار ، أبو بكر الرياحي التميمي .

            سمع يزيد بن هارون ، وعبد الوهاب بن عطاء ، وأبا عامر العقدي ، وغيرهم . روى عنه : المحاملي ، وابن عقدة ، وابن السماك ، والنجاد ، وأبو بكر الشافعي ، ومحمد بن جعفر بن الهيثم البندار وهو آخر من روى عنه . قال الدارقطني : هو صدوق   . توفي لأيام خلت من رمضان هذه السنة .

            محمد بن إبراهيم بن يحيى بن إسحاق بن جناد ، أبو بكر المنقري محمد بن إبراهيم بن يحيى بن إسحاق بن جناد ، أبو بكر المنقري .

            سمع أبا الوليد الطيالسي ، وغيره ، وروى عنه : البغوي ، وغيره .

            وعن أبي العباس بن سعيد قال : سمعت عبد الرحمن بن يوسف بن خراش] يقول : أبو بكر بن جناد عدل ، ثقة ، مأمون   .

            وعن ابن قانع أن أبا بكر بن جناد مات في طريق مكة في ذي الحجة [ من ] سنة ست وسبعين ومائتين .

            محمد بن إبراهيم بن يوسف ، أبو حمزة المروزي [محمد بن إبراهيم بن يوسف ، أبو حمزة المروزي .

            سكن بغداد ، وانتخب عليه عبيد العجلي وحدث عن عبدان بن عثمان ، وروى عنه : أبو عمرو بن السماك ، وغيره ، وكان ثقة   ] .

            محمد بن إبراهيم بن عبد الحميد ، أبو بكر الحلواني [محمد بن إبراهيم بن عبد الحميد ، أبو بكر الحلواني   .

            قاضي بلخ ، سكن بغداد ، وحدث بها عن أبي جعفر النفيلي ، وغيره .

            وروى عنه : أبو عمرو بن السماك ، وغيره ، وكان ثقة   ] .

            محمد بن إسماعيل بن سالم ، أبو جعفر الصائغ [محمد بن إسماعيل بن سالم ، أبو جعفر الصائغ .

            سكن مكة ، وحدث بها عن حجاج الأعور ، وشبابة بن سوار ، وروح بن عبادة .

            قال عبد الرحمن بن أبي حاتم : سمعت منه بمكة ، وهو صدوق   .

            وعن علي بن محمد الدقاق قال : قرأنا على الحسين بن هارون ، عن أبي العباس بن سعيد قال : سمعت عبد الرحمن بن يوسف بن خراش يقول : محمد بن إسماعيل الصائغ من أهل الفهم والأمانة ] .

            محمد بن جعفر بن راشد ، أبو جعفر الفارسي يلقب لقلوق محمد بن جعفر بن راشد ، أبو جعفر الفارسي يلقب لقلوق وأصله بلخ .

            سمع منصور بن عثمان ، وغيره ، وكان ثقة   .

            محمد بن جعفر بن محمد بن إسماعيل بن أبي سيرين بن [علي أبو العباس الهاشمي محمد بن جعفر بن محمد بن إسماعيل بن أبي سيرين بن [علي أبو العباس الهاشمي .

            حدث عن إبراهيم الترجماني ] . روى عنه : ابن مخلد [ توفي في هذه السنة في ذي الحجة ] . وكان ثقة   .

            محمد بن الحسين بن معدان ، أبو جعفر البلخي الوراق [محمد بن الحسين بن معدان ، أبو جعفر البلخي الوراق .

            حدث عن إسماعيل بن أبي موسى . روى عنه : ابن صاعد ، وكان ثقة   ] .

            محمد بن خليفة بن صدقة ، أبو جعفر ، يلقب : بعنبر محمد بن خليفة بن صدقة ، أبو جعفر ، يلقب : بعنبر ، من أهل دير العاقول .

            [ روى عن عفان ، وأبي نعيم ، وسعيد بن منصور ، وغيرهم ، وكان صدوقا   . وتوفي بدير العاقول ] في هذه السنة .

            محمد بن محمد بن الحسن بن عطية العوفي محمد بن محمد بن الحسن بن عطية العوفي .

            حدث عن يزيد بن هارون ، وروح بن عبادة ، وغيرهما . كان لينا في الحديث . قال الدارقطني : لا بأس به   . وتوفي في ربيع الآخر من هذه السنة . وممن توفي فيها من الأعيان   :

            أحمد بن حازم بن أبي غرزة أحمد بن حازم بن أبي غرزة ، الحافظ صاحب " المسند " المشهور ، له حديث كثير ورواية عالية .

            وبقي بن مخلد   .

            أبو عبد الرحمن الأندلسي الحافظ الكبير ، صاحب " المسند " المبوب على الفقه ، روى فيه عن ألف وستمائة صحابي ، وقد فضله ابن حزم على " مسند " الإمام أحمد ، وعندي في ذلك نظر ، والظاهر أن " مسند أحمد " أجود منه ; فإنه ليس هو ببلادهم ، ولا وقع لهم روايته ، ولو اطلع عليه ووقف على ما فيه لما فضل عليه مسندا من المسندات ، اللهم إلا أن يكون بقي قد سمع من أحمد جميع " المسند " ، وزاد عليه ، كما قد يسر الله من الزيادات التي ألحقناها ب " مسند " الإمام أحمد . ولله الحمد والمنة . وقد رحل بقي إلى العراق ، فسمع من الإمام أحمد وغيره من أئمة الحديث بالعراق وغيرها ، يزيدون على المائتين بأربعة وثمانين شيخا ، وله تصانيف أخر ، وكان مع ذلك رجلا صالحا عابدا ، زاهدا ، مجاب الدعوة ; ذكر القشيري أن امرأة جاءته ، فقالت : إن ابني قد أسرته الإفرنج ، وإني لا أنام الليل من شوقي إليه ، ولي دويرة أريد أن أبيعها لأستفكه ، فإن رأيت أن تسير إلى أحد يأخذها لأسعى في فكاكه ، فليس لي ليل ولا نهار ، ولا صبر ولا قرار . فقال : نعم ، انصرفي حتى ننظر في ذلك إن شاء الله . وأطرق الشيخ وحرك شفتيه يدعو الله عز وجل لولدها بالخلاص ، فذهبت المرأة ، فما كان إلا عن قليل حتى جاءت وابنها معها ، فقالت : اسمع خبره يرحمك الله . فقال : كيف كان أمرك ؟ فقال : إني كنت فيمن يخدم الملك ، ونحن في القيود ، فبينما أنا ذات يوم أمشي إذ سقط القيد من رجلي ، فأقبل الموكل بنا فشتمني ، وقال : فككت القيد من رجليك ؟ فقلت : لا والله ولكنه سقط ولم أشعر . فجاءوا بالحداد فأعاده وشد مسماره وأيده ، ثم قمت فسقط أيضا ، فأعادوه وأكدوه ، فسقط أيضا ، فسألوا رهبانهم فقالوا : له والدة ؟ فقلت : نعم . فقالوا : إنه قد استجيب دعاؤها ، أطلقوه . فأطلقوني وخفروني حتى وصلت إلى بلاد الإسلام . فسأله بقي بن مخلد عن الساعة التي سقط فيها القيد من رجليه ، فإذا هي الساعة التي دعا فيها الله له .

            ومحمد بن إسماعيل الصائغ ، ويزيد بن عبد الصمد ، أبو الرداد المؤذن وأبو الرداد المؤذن ، وهو عبد الله بن عبد السلام بن عبد الله بن الرداد ، المؤذن صاحب المقياس بمصر ، الذي هو مسلم إليه وإلى ذريته إلى يومنا هذا . قاله القاضي ابن خلكان في " الوفيات " . وفيها توفي أبو سعيد الحسن بن الحسين بن عبد الله اليشكري النحوي الراوية ، وكان مولده سنة اثنتي عشرة ومائتين .

            وفيها توفي محمد بن علي أبو جعفر القصاب الصوفي  ، وهو من أقران السري ، وصحبه الجنيد كثيرا .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية