الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            خلافة المكتفي بالله   [289 - 295 هـ ] واسمه علي بن المعتضد ، ويكنى أبا محمد ، ولد في رجب سنة أربع وستين وأم المكتفي تركية لم تدرك خلافته ويقال لها حيحق . وكان ربعة جميلا ، رقيق اللون ، حسن الشعر ، وافر اللحية عريضها وكان يضرب بحسنه المثل ، حتى قال بعضهم :


            قايست بين جمالها وفعالها فإذا الملاحة بالخيانة لا تفي     والله لا كلمتها ، ولو أنها
            كالشمس أو كالبدر أو كالمكتفي

            ولما توفي المعتضد كتب الوزير إلى أبي محمد علي بن المعتضد ، وهو المكتفي بالله ، يعرفه بذلك ويأخذ البيعة له ، وكان بالرقة . فلما وصله الخبر أخذ البيعة على من عنده من الأجناد ، ووضع لهم العطاء ، وسار إلى بغداذ ، ووجه إلى النواحي من ديار ربيعة . ومضر ، ونواحي العرب من يحفظها ، ودخل بغداذ ، لثمان خلون من جمادى الأولى ، فلما سار إلى منزله أمر بهدم المطامير التي كان أبوه اتخذها لأهل الجرائم . وأمر ببناء جامع مكانها ، وكان سن المكتفي يوم بويع له خمسا وعشرين سنة وعشرين يوما وليس في الخلفاء من اسمه علي سوى هذا وعلي بن أبي طالب وليس فيهم من يكنى بأبي محمد إلا هذا ، والحسن بن علي بن أبي طالب والهادي والمستضيء بأمر بالله .

            وحين ولي المكتفي كثرت الفتن وانتشرت في البلاد وخلع في هذا اليوم على الوزير القاسم بن عبيد الله بن سليمان بن وهب ست خلع وقلده سيفا. وهنأه رجل فقال:


            أجل الرزايا أن يموت إمام     وأسنى العطايا أن يقوم إمام
            فأسقي الذي مات الغمام وجاده     ودامت تحيات له وسلام
            وأبقى الذي قام الإله وزاده     مواهب لا يفنى لهن دوام
            وتمت له الآمال واتصلت بها     فوائد موصول بهن تمام
            هو المكتفي بالله يكفيه كل ما     عناه بركن منه ليس يرام

            وكان المكتفي يقول الشعر ، قال الصولي: أنشدنا لنفسه:


            إنى كلفت فلا تلحوا بجارية     كأنها الشمس بل زادت على الشمس
            لها من الحسن أعلاه فرؤيتها     سعدي وغيبتها عن مقتلي نحسي

            ومن شعره :


            من لي بأن يعلم ما ألقى     فيعرف الصبوة والعشقا
            ما زال عبدا لي وحبي له     صيرني عبدا له حقا
            أعتق من رقي ولكنني     من حبه لا أملك العتقا

            التالي السابق


            الخدمات العلمية