الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            وفاة المكتفي  

            في سنة خمس وتسعين ومائتين في ذي القعدة توفي أمير المؤمنين المكتفي بالله ( أبو محمد علي بن المعتضد بالله أبي العباس أحمد بن الموفق بن المتوكل ) وهذه ترجمته

            أبو محمد علي ابن أمير المؤمنين المعتضد بالله أبي العباس أحمد ابن الأمير أبي أحمد الموفق بن المتوكل بن المعتصم بن الرشيد هارون بن المهدي بن المنصور - رحمهم الله - وأمه أم ولد تركية ، اسمها جيجك وبويع له بالخلافة بعد أبيه - في حياته - في يوم الجمعة لإحدى عشرة بقيت من ربيع الآخر سنة تسع وثمانين ومائتين ، وعمره نحو من خمس وعشرين سنة وكان ربعة من الرجال جميلا رقيق اللون حسن الشعر وافر اللحية عريضها. وكان نقش خاتمه : علي متوكل على ربه وكان له من الولد محمد وجعفر وعبد الصمد وموسى وعبد الله وهارون والفضل وعيسى والعباس وعبد الملك .

            وفي أيامه فتحت أنطاكية واستنقذت من أيدي الروم وكان فيها من أسارى المسلمين بشر كثير وجم غفير ، وأخذ المسلمون من غنائمهم شيئا كثيرا جدا كما تقدم ، ولما حضرته الوفاة سأل عن أخيه أبي الفضل جعفر بن المعتضد فصح عنده أنه بالغ فأحضره في يوم الجمعة لإحدى عشرة ليلة خلت من ذي القعدة من هذه السنة ، وأحضر القضاة وأشهدهم على نفسه بأنه قد جعل الخلافة إليه من بعده ، ولقبه بالمقتدر بالله . وتوفي المكتفي بالله بعد ثلاثة أيام ، رحمه الله . وقيل : في آخر يوم السبت بين الظهر والعصر . وقيل : بعد المغرب ليلة الأحد لاثنتي عشرة خلت من ذي القعدة ودفن في دار محمد بن عبد الله بن طاهر عن ثنتين ، وقيل : عن ثلاث وثلاثين سنة . وكانت خلافته ست سنين وستة أشهر وتسعة عشر يوما . وكان مرضه بداء الخنازير رحمه الله . ولما احتضر قال له وزيره: ادع بألف ألف دينار ففرقها في أمهات أولادك فإن المسلمين يجعلونك منها في حل لما وفرت عليهم من أموالهم ، فقال: والله لا فعلت ذلك حسبي ما احتقبت ولي عند صافي والداية ستمائة ألف دينار جمعتها منذ كنت صبيا تفرق عليهن ، فإنها تكفيهن . قال الصولي : (سمعت المكتفي يقول في علته : والله ما آسى إلا على سبعمائة ألف دينار صرفتها من مال المسلمين في أبنية ما احتجت إليها ، وكنت مستغنيا عنها ، أخاف أن أسأل عنها ، وإني أستغفر الله منها ) .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية