ذكر عدة حوادث
في سنة أربع وثلاثمائة ، في الصيف ، خافت العامة ببغداد من حيوان كانوا يسمونه الزبزب ، ويقولون إنهم يرونه في الليل على سطوحهم ، وإنه يأكل أطفالهم ، وربما عض يد الرجل وثدي المرأة فقطعهما ، ( وهرب بهما ) ، فكان الناس يتحارسون ، ويتزاعقون ، ويضربون بالطشوت والصواني وغيرها ليفزعوه فارتجت بغداذ لذلك . ثم إن أصحاب السلطان صادوا ليلة حيوانا أبلق بسواد ، قصير اليدين والرجلين ، فقالوا : هذا هو الزبزب ، وصلبوه على الجسر ، فسكن الناس ، وهذه دابة تسمى طبرة ، وأصاب اللصوص حاجتهم لاشتغال الناس عنهم .
وفيها ، وبقيت طبرستان في أيدي العلوية إلى أن قتل الداعي ، وهو الحسن بن القاسم ، سنة ست عشرة وثلاثمائة على ما نذكره . توفي الناصر العلوي ، صاحب طبرستان ، في شعبان وعمره تسع وسبعون سنة
وفيها خالف أبو زيد خالد بن محمد المادرائي على المقتدر بالله بكرمان وكان يتولى الخراج ، وسار منها إلى شيراز يريد التغلب على فارس ، فخرج إليه بدر الحمامي فحاربه وقتله ، وحمل رأسه إلى بغداذ وطيف به .
وفيها سار مؤنس المظفر إلى بلاد الروم لغزاة الصائفة ، فلما صار بالموصل قلد سبكا المفلحي بازبدى وقردى ، وقلد عثمان العنزي مدينة بلد ، وباعيناثا ، وسنجار ، وقلد وصيفا البكتمري باقي بلاد ربيعة ، وسار مؤنس إلى ملطية وغزا فيها ، وكتب إلى أبي القاسم علي بن أحمد بن بسطام أن يغزو من طرسوس في أهلها ، ففعل .
وفتح مؤنس حصونا كثيرة من الروم ، وأثر آثارا جميلة ، وعتب عليه أهل الثغور وقالوا : لو شار لفعل أكثر من هذا ، وعاد إلى بغداذ ، فأكرمه الخليفة وخلع عليه . وقلد ثابت بن سنان الطبيب المؤرخ أمر في هذه السنة وكانت خمسة . المارستانات ببغداد
وورد الخبر في هذه السنة من خراسان أنه وجد بالقندهار في أبراج سورها أزج متصل بها فيه ألف رأس في سلاسل ، من هذه الرءوس تسعة وعشرون رأسا ، في أذن كل رأس رقعة مشدودة بخيط إبريسم باسم كل رجل منهم ، وكان من الأسماء شريح بن حيان ، وخباب بن الزبير ، والخليل بن موسى ، وطلق بن معاذ ، وحاتم بن حسنة ، وهانئ بن عروة . وفي الرقاع تاريخ من سنة سبعين من الهجرة ، فوجدوا على حالاتهم لم تتغير شعورهم إلا أن جلودهم قد جفت.