الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر عدة حوادث

            في سنة أربع وثلاثمائة ، في الصيف ، خافت العامة ببغداد من حيوان كانوا يسمونه الزبزب ، ويقولون إنهم يرونه في الليل على سطوحهم ، وإنه يأكل أطفالهم ، وربما عض يد الرجل وثدي المرأة فقطعهما ، ( وهرب بهما ) ، فكان الناس يتحارسون ، ويتزاعقون ، ويضربون بالطشوت والصواني وغيرها ليفزعوه فارتجت بغداذ لذلك . ثم إن أصحاب السلطان صادوا ليلة حيوانا أبلق بسواد ، قصير اليدين والرجلين ، فقالوا : هذا هو الزبزب ، وصلبوه على الجسر ، فسكن الناس ، وهذه دابة تسمى طبرة ، وأصاب اللصوص حاجتهم لاشتغال الناس عنهم .

            وفيها توفي الناصر العلوي ، صاحب طبرستان ، في شعبان وعمره تسع وسبعون سنة  ، وبقيت طبرستان في أيدي العلوية إلى أن قتل الداعي ، وهو الحسن بن القاسم ، سنة ست عشرة وثلاثمائة على ما نذكره .

            وفيها خالف أبو زيد خالد بن محمد المادرائي على المقتدر بالله بكرمان وكان يتولى الخراج ، وسار منها إلى شيراز يريد التغلب على فارس ، فخرج إليه بدر الحمامي فحاربه وقتله ، وحمل رأسه إلى بغداذ وطيف به .

            وفيها سار مؤنس المظفر إلى بلاد الروم لغزاة الصائفة ، فلما صار بالموصل قلد سبكا المفلحي بازبدى وقردى ، وقلد عثمان العنزي مدينة بلد ، وباعيناثا ، وسنجار ، وقلد وصيفا البكتمري باقي بلاد ربيعة ، وسار مؤنس إلى ملطية وغزا فيها ، وكتب إلى أبي القاسم علي بن أحمد بن بسطام أن يغزو من طرسوس في أهلها ، ففعل .

            وفتح مؤنس حصونا كثيرة من الروم ، وأثر آثارا جميلة ، وعتب عليه أهل الثغور وقالوا : لو شار لفعل أكثر من هذا ، وعاد إلى بغداذ ، فأكرمه الخليفة وخلع عليه . وقلد ثابت بن سنان الطبيب المؤرخ أمر المارستانات ببغداد  في هذه السنة وكانت خمسة .

            وورد الخبر في هذه السنة من خراسان أنه وجد بالقندهار في أبراج سورها أزج متصل بها فيه ألف رأس في سلاسل ، من هذه الرءوس تسعة وعشرون رأسا ، في أذن كل رأس رقعة مشدودة بخيط إبريسم باسم كل رجل منهم ، وكان من الأسماء شريح بن حيان ، وخباب بن الزبير ، والخليل بن موسى ، وطلق بن معاذ ، وحاتم بن حسنة ، وهانئ بن عروة . وفي الرقاع تاريخ من سنة سبعين من الهجرة ، فوجدوا على حالاتهم لم تتغير شعورهم إلا أن جلودهم قد جفت.

            التالي السابق


            الخدمات العلمية