الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر من توفي في سنة عشر وثلاثمائة من الأكابر

            أحمد بن إبراهيم بن كامل ، أبو الحسن مولى بني فهر أحمد بن إبراهيم بن كامل ، أبو الحسن مولى بني فهر   :

            كان ثقة . وتوفي في جمادى الأولى من هذه السنة ، وله اثنتان وثمانون سنة .

            أحمد بن محمد بن يحيى ، أبو علي أحمد بن محمد بن يحيى ، أبو علي   :

            حدث عن الحارث بن مسكين ، وكان ثقة ، وتوفي في شعبان هذه السنة .

            أحمد بن محمد بن عبد الله بن سهل السراج أحمد بن محمد بن عبد الله بن سهل السراج ، [أبو الحسن ] :  

            حدث عن يونس بن عبد الأعلى وغيره ، وكان ثقة دينا ، توفي في [شهر ] رمضان هذه السنة .

            أحمد بن محمد بن عبد الواحد بن يزيد بن ميمون ، أبو جعفر الطائي أحمد بن محمد بن عبد الواحد بن يزيد بن ميمون ، أبو جعفر الطائي   :

            حمصي قدم مصر وحدث بها ، وكان ثقة ، توفي بمصر في رجب هذه السنة .

            أحمد [بن عبد الله ] بن محمد بن هلال بن نافع ، أبو جعفر المقرئ مولى الأزد أحمد [بن عبد الله ] بن محمد بن هلال بن نافع ، أبو جعفر المقرئ مولى الأزد :

            حدث عن أبيه وغيره ، وتوفي في ذي القعدة من هذه السنة .

            الحسن بن الحسين بن علي بن عبد الله بن جعفر ، أبو علي الصواف المقرئ الحسن بن الحسين بن علي بن عبد الله بن جعفر ، أبو علي الصواف المقرئ :

            سمع من أبي سعيد الأشج ، وغيره . وكان ثقة فاضلا نبيلا ، سكن الجانب الشرقي ، توفي في رمضان هذه السنة ، ودفن في مقابر الخيزران .

            خالد بن محمد بن خالد ، [أبو محمد الصفار الختلي خالد بن محمد بن خالد ، [أبو محمد الصفار الختلي :

            حدث عن يحيى بن معين . روى عنه علي بن محمد السكري ، سئل عنه الدارقطني ، فقال : صالح ، توفي في هذه السنة .



            عبد الله بن محمد بن أحمد بن مسلمة عبد الله بن محمد بن أحمد بن مسلمة ] ، أبو محمد الفزاري :

            حدث عن عباد بن الوليد الغبري ، روى عنه ابن المظفر وكان ثقة .

            وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة .

            عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن هلال ، أبو محمد القرشي الشامي المعروف بأبي صخرة الكاتب عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن هلال ، أبو محمد القرشي الشامي المعروف بأبي صخرة الكاتب :

            سمع علي بن المديني ، وليثا ، ويحيى بن أكثم . روى عنه ابن المظفر . وكان ثقة . وتوفي ببغداد في شوال هذه السنة .

            عيسى بن سليمان بن عبد الملك ، أبو القاسم القرشي عيسى بن سليمان بن عبد الملك ، أبو القاسم القرشي :

            وراق داود بن رشيد ، حدث عنه ، و [عن ] غيره ، روى عنه ابن المظفر - وكان ثقة - . توفي في شعبان هذه السنة .

            محمد بن أحمد بن حماد بن سعد ، أبو بشر الدولابي الوراق محمد بن أحمد بن حماد بن سعد ، أبو بشر الدولابي الوراق :

            مولى الأنصار ، وكانت له معرفة بالحديث ، وكان حسن التصنيف ، وحدث عن أشياخ فيهم كثرة ، قال أبو سعيد بن يونس : وكان يضعف ، توفي وهو قاصد إلى الحج بين مكة والمدينة بالعرج في ذي القعدة من هذه السنة .

            محمد بن أحمد بن هلال ، أبو بكر الشطوي محمد بن أحمد بن هلال ، أبو بكر الشطوي :

            سمع أبا كريب ، وأحمد بن منيع ، وغيرهما وروى عنه محمد بن المظفر وغيره ، وربما سماه بعض الرواة أحمد بن محمد ، ومحمد بن أحمد أكثر .

            وتوفي لأربع خلون من ربيع الأول من هذه السنة .

            محمد بن إبراهيم بن آدم بن أبي الرجال ، أبو جعفر الصالحي محمد بن إبراهيم بن آدم بن أبي الرجال ، أبو جعفر الصالحي   :

            سكن بغداد وحدث بها عن بشر بن هلال الصواف ، وأزهر بن جميل ، وغيرهما .

            روى عنه ابن المظفر ، وغيره . وكان ثقة . [توفي في هذه السنة ] .

            محمد بن بنان بن معن ، أبو إسحاق الخلال محمد بن بنان بن معن ، أبو إسحاق الخلال :

            سمع محمد بن المثنى ، ومهنأ بن يحيى الشامي ، وغيرهما . روى عنه علي بن عمر السكري ، وأبو الفضل الزهري ، وعن علي بن عمر الحافظ ، قال : محمد بن بنان بغدادي لم يكن به بأس . توفي في شعبان هذه السنة .

            محمد بن جعفر بن العباس بن عيسى بن أبي جعفر المنصور محمد بن جعفر بن العباس بن عيسى بن أبي جعفر المنصور ، يكنى أبا جعفر :

            كان خطيب الجامع بمدينة المنصور ، فلم يزل يتولى ذلك حتى توفي في يوم السبت لثمان بقين من ذي الحجة من هذه السنة .



            محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب ، أبو جعفر الطبري محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب ، أبو جعفر الطبري :

            ولد في آخر سنة أربع أو أول سنة خمس وعشرين ومائتين ، وكان أسمر إلى الأدمة أعين ملتف الجسم ، مديد القامة ، فصيح اللسان ، سمع محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب ، وإسحاق بن [أبي ] إسرائيل ، وأحمد بن منيع البغوي ، وأبا همام الوليد بن شجاع ، وأبا كريب ، ويعقوب الدورقي ، وأبا سعيد الأشج ، ومحمد بن بشار ، وخلقا كثيرا من أهل العراق ، والشام ، ومصر . وحدث عنه أحمد بن كامل القاضي وغيره ، استوطن ابن جرير بغداد إلى حين وفاته ، وكان قد جمع من العلوم ما رأس به أهل عصره ، وكان حافظا للقرآن ، بصيرا بالمعاني ، عالما بالسنن ، فقيها في الأحكام ، عالما باختلاف العلماء ، خبيرا بأيام الناس وأخبارهم ، وتصانيفه كثيرة منها : كتاب "التاريخ " ، وكتاب "التفسير " و "تهذيب الآثار " إلا أنه لم يتمم تصنيفه وله في أصول الفقه وفروعه كتب كثيرة .

            وعن أبو بكر أحمد بن [علي بن ثابت ] الخطيب ، قال : [سمعت ] علي بن عبيد الله بن عبد الغفار اللغوي يحكي أن محمد بن جرير مكث أربعين سنة يكتب في كل يوم منها أربعين ورقة .

            وعن أبو عمر عبيد الله بن أحمد السمسار وأبو القاسم بن عقيل الوراق : أن أبا جعفر الطبري قال لأصحابه أتنشطون لتفسير القرآن ؟ قالوا : كم يكون قدره ؟ قال : ثلاثون ألف ورقة ، فقالوا : هذا مما تفنى الأعمار قبل تمامه ، فاختصره في نحو ثلاثة آلاف ورقة ، ثم قال : هل تنشطون لتاريخ العالم من آدم إلى وقتنا هذا ؟

            قالوا : كم يكون قدره ؟ فذكر نحوا مما ذكر في التفسير ، فأجابوه بمثل ذلك ، فقال : إنا لله ماتت الهمم ، فاختصره في نحو مما اختصر التفسير .

            وعن مخلد بن جعفر الدقاق ، قال : أنشدنا محمد بن جرير الطبري ] :


            إذا أعسرت لم يعلم رفيقي وأستغني فيستغني صديقي     حيائي حافظ لي ماء وجهي
            ورفقي في مطالبتي رفيقي     ولو أني سمحت ببذل وجهي
            لكنت إلى الغنى سهل الطريق



            قال : وأنشدنا أيضا :


            خلقان لا أرضى طريقهما     بطر الغنى ومذلة الفقر




            فإذا غنيت فلا تكن بطرا     واذا افتقرت فته على الدهر



            توفي أبو جعفر [الطبري ] وقت المغرب من عشية الأحد ليومين بقيا من شوال سنة عشر وثلاثمائة ، ودفن وقد أضحى النهار يوم الاثنين برحبة يعقوب في ناحية باب خراسان في حجرة بإزاء داره ، وقيل : بل دفن ليلا ولم يؤذن به أحد ، واجتمع من لا يحصيهم إلا الله ، وصلي على قبره عدة شهور ليلا ونهارا .

            وذكر ثابت بن سنان في تاريخه : أنه إنما أخفيت حاله لأن العامة اجتمعوا [ومنعوا ] من دفنه بالنهار وادعوا عليه الرفض ، ثم ادعوا عليه الإلحاد .

            قال ابن الجوزي : كان ابن جرير يرى [جواز ] المسح على القدمين ولا يوجب غسلهما ، فلهذا نسب إلى الرفض ، وكان قد رفع في حقه أبو بكر بن أبي داود قصة إلى نصر الحاجب يذكر عنه أشياء فأنكرها ، منها : أنه نسبه إلى رأي جهم ، وقال : إنه قائل : بل يداه [مبسوطتان ] أي : نعمتاه ، فأنكر هذا ، وقال ما قلته ، ومنها : أنه روى أن روح رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرجت سالت في كف علي فحساها ، فقال : إنما الحديث مسح بها على وجهه وليس فيه حساها .

            قال ابن الجوزي [رحمه الله ] : وهذا أيضا محال إلا أنه كتب ابن جرير في جواب هذا إلى نصر الحاجب : لا عصابة في الإسلام كهذه العصابة الخسيسة ، وهذا قبيح منه ، لأنه كان ينبغي أن يخاصم من خاصمه ، وأما أن يذم طائفته جميعا وهو يدري إلى من ينتسب فغاية في القبح . وكان علي بن عيسى يقول : والله لو سئل هؤلاء عن معنى الرفض والإلحاد ما عرفوه ، ولا فهموه ، هكذا ذكره ابن مسكويه صاحب " تجارب الأمم " ، وحوشي ذلك الإمام عن مثل هذه الأشياء .

            وأما ما ذكره عن تعصب العامة ، فليس الأمر كذلك ، وإنما بعض الحنابلة تعصبوا عليه ، ووقعوا فيه ، فتبعهم غيرهم ، ولذلك سبب ، ( وهو أن الطبري جمع كتابا ذكر فيه اختلاف الفقهاء ، لم يصنف مثله ، ولم يذكر فيه أحمد بن حنبل ، فقيل له في ذلك ، فقال : لم يكن فقيها ، وإنما كان محدثا ، فاشتد ذلك على الحنابلة ، وكانوا لا يحصون كثرة ببغداذ ، فشغبوا عليه ، وقالوا ما أرادوا ) :


            حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه     فالناس أعداء له وخصوم
            كضرائر الحسناء قلن لوجهها     حسدا وبغيا إنه لدميم



            وقد ذكرت شيئا من كلام الأئمة في أبي جعفر يعلم [ منه ] محله في العلم ، والثقة ، وحسن الاعتقاد .

            فمن ذلك ما قاله الإمام أبو بكر الخطيب ، بعد أن ذكر من روى الطبري عنه ، ومن روى عن الطبري ، فقال : " وكان أحد أئمة العلماء يحكم بقوله ، ويرجع إلى رأيه لمعرفته وفضله ، وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره ، وكان حافظا لكتاب الله ، عارفا بالقراءات ، بصيرا بالمعاني ، فقيها في أحكام القرآن ، عالما بالسنن وطرقها ، صحيحها وسقيمها ، ناسخها ومنسوخها ، عارفا بأقاويل الصحابة والتابعين ، ومن بعدهم في الأحكام ، ومسائل الحلال والحرام ، خبيرا بأيام الناس وأخبارهم ، وله الكتاب المشهور في تاريخ الأمم والملوك ، والكتاب الذي في التفسير لم يصنف مثله ، وله في أصول الفقه وفروعه كتب كثيرة ، وأخبار من أقاويل الفقهاء ، وتفرد بمسائل حفظت عنه " .

            وقال أبو أحمد الحسين بن علي بن محمد الرازي : أول ما سألني الإمام أبو بكر بن خزيمة قال لي : كتبت عن محمد بن جرير الطبري ؟ قلت : لا ! قال : لم ؟ قلت : لا يظهر ، وكانت الحنابلة تمنع من الدخول عليه .

            فقال بئس ما فعلت ! ليتك لم تكتب عن كل من كتبت عنه ، وسمعت عن أبي جعفر .

            وقال حسينك ، واسمه الحسين بن علي التميمي ، عن ابن خزيمة نحو ما تقدم . وقال ابن خزيمة حين طالع كتاب التفسير للطبري : ما أعلم على أديم الأرض أعلم من أبي جعفر ، ولقد ظلمته الحنابلة .

            قال الخطيب : وبلغني عن الشيخ أبي حامد أحمد بن أبي طاهر الفقيه الإسفراييني أنه قال : لو سافر رجل إلى الصين حتى يحصل له كتاب تفسير محمد بن جرير الطبري لم يكن ذلك كثيرا أو كلاما هذا معناه . وقال أبو محمد عبد الله بن أحمد الفرغاني ، بعد أن ذكر تصانيفه : وكان أبو جعفر ممن لا يأخذه في الله لومة لائم ، ولا يعدل ، في علمه وتبيانه ، عن حق يلزمه لربه وللمسلمين ، إلى باطل لرغبة ولا رهبة ، مع عظيم ما كان يلحقه من الأذى والشناعات من جاهل ، وحاسد ، وملحد .

            وأما أهل الدين والورع فغير منكرين علمه ، وفضله ، وزهده ، وتركه الدنيا مع إقبالها عليه ، وقناعته بما كان يرد عليه من قرية خلفها له أبوه بطبرستان يسيرة ، ومناقبه كثيرة لا يحتمل هاهنا أكثر من هذا . وقد رثاه جماعة من أهل العلم ، منهم ابن الأعرابي حيث يقول :


            حدث مفظع وخطب جليل     دق عن مثله اصطبار الصبور
            قام ناعي العلوم أجمع لما     قام ناعي محمد بن جرير
            فهوت أنجم لها زاهرات     مؤذنات رسومها بالدثور
            وتغشى ضياءها النير الإش     راق ثوب الدجنة الديجور
            وغدا روضها الأنيق هشيما     ثم عادت سهولها كالوعور
            يا أبا جعفر مضيت حميدا     غير وان في الجد والتشمير
            بين أجر على اجتهادك موفو     ر وسعي إلى التقى مشكور
            مستحقا به الخلود لدى جن     ة عدن في غبطة وسرور



            ولأبي بكر بن دريد - رحمه الله - فيه مرثاة طويلة طنانة ، أوردها الخطيب البغدادي بتمامها ، والله سبحانه أعلم . أبو عبد الله محمد بن العباس بن محمد بن أبي محمد اليزيدي الأديب ( وفيها توفي أبو عبد الله محمد بن العباس بن محمد بن أبي محمد اليزيدي الأديب ، أخذ العلم عن ثعلب والرياشي ) .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية