الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر حال عمران بن شاهين  

            في هذه السنة استفحل أمر عمران بن شاهين ، وقوي شأنه ، وكان ابتداء حاله أنه من أهل الجامدة ، فجبى جبايات ، فهرب إلى البطيحة خوفا من السلطان ، وأقام بين القصب والآجام ، واقتصر على ما يصيده من السمك وطيور الماء قوتا ، ثم صار يقطع الطريق على من يسلك البطيحة ، واجتمع إليه جماعة من الصيادين ، وجماعة من اللصوص ، فقوي بهم ، وحمى جانبه من السلطان ، فلما خاف أن يقصد ، استأمن ( إلى أبي القاسم ) البريدي ، فقلده حماية الجامدة ونواحي البطائح ، وما زال يجمع الرجال إلى أكثر أصحابه ، وقوي واستعد بالسلاح ، واتخذ معاقل على التلول التي بالبطيحة ، وغلب على تلك النواحي .

            فلما اشتد أمره ، سير معز الدولة إلى محاربته وزيره أبا جعفر الصيمري ، فسار إليه في الجيوش ، وحاربه مرة بعد مرة ، واستأسر أهله وعياله ، وهرب عمران بن شاهين واستتر ، وأشرف على الهلاك .

            فاتفق أن عماد الدولة بن بويه مات ، واضطرب جيشه بفارس ، فكتب معز الدولة إلى الصيمري بالمبادرة إلى شيراز لإصلاح الأمور بها ، فترك عمران وسار إلى شيراز ، على ما نذكره في موت عماد الدولة ، فلما سار الصيمري عن البطائح ، ظهر عمران بن شاهين من استتاره ، وعاد إلى أمره ، وجمع من تفرق عنه من أصحابه ، وقوي أمره ، وسنذكر من أخباره فيما بعد ما تدعو الحاجة إليه .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية