ذكر عزل أبي الفضل من وزارة عز الدولة ووزارة ابن بقية
وفيها أيضا عزل الوزير أبو الفضل العباس بن الحسين من وزارة عز الدولة بختيار في ذي الحجة ، واستوزر محمد بن بقية ، فعجب الناس لذلك لأنه كان وضيعا في نفسه ، وأهل أوانا ، وكان أبوه أحد الزراعين ، لكنه كان قريبا من بختيار ، وكان يتولى له المطبخ ، ويقدم إليه الطعام ومنديل الخوان على كتفه ، إلى أن استوزر .
وحبس الوزير أبو الفضل ، فمات عن قريب ، فقيل إنه مات مسموما ، وكان في ولايته مضيعا لجانب الله . فمن ذلك أنه أحرق الكرخ ببغداذ ، فهلك فيه من الناس والأموال ما لا يحصى ، ومن ذلك أنه ظلم الرعية ، وأخذ الأموال ليفرقها على الجند ليسلم ، فما سلمه الله تعالى ، ولا نفعه ذلك ، وصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث يقول : . من أرضى الناس بسخط الله سخط الله عليه ، وأسخط عليه الناس
وكان ما فعله من ذلك أبلغ الطرق التي سلكها أعداؤه من الوقيعة فيه ، والسعي به ، وتمشى لهم ما أرادوا لما كان عليه من تفريطه في أمر دينه ، وظلم رعيته ، وعقب ذلك أن زوجته ماتت وهو محبوس وحاجبه وكاتبه ، فخربت داره ، وعفي أثرها ، نعوذ بالله من سوء الأقدار ، ونسأله أن يختم بخير أعمالنا ، فإن الدنيا إلى زوال ما هي .
وأما ابن بقية فإنه استقامت أموره ، ومشت الأموال بين يديه بما أخذه من أموال أبي الفضل ، وأموال أصحابه ، فلما فني ذلك عاد إلى ظلم الرعية ، فانتشرت الأمور على يده ، وخربت النواحي ، وظهر العيارون ، وعملوا ما أرادوا ، وزاد الاختلاف بين الأتراك وبين بختيار ، فشرع ابن بقية في إصلاح الحال مع بختيار وسبكتكين ، فاصطلحوا ، وكانت هدنة على دخن وركب سبكتكين إلى بختيار ومعه الأتراك ، فاجتمع به ، ثم عاد الحال إلى ما كان عليه من الفساد .
وسبب ذلك أن ديلميا اجتاز بدار سبكتكين وهو سكران ، فرمى الروشن بزوبين في يده ، فأثبته فيه ، وأحس به سبكتكين ، فصاح بغلمانه فأخذوه ، وظن سبكتكين أنه قد وضع على قتله ، فقرره فلم يعترف ، وأنفذه إلى بختيار وعرفه الحال ، فأمر به فقتل ، فقوي ظن سبكتكين أنه كان وضعه عليه ، وإنما قتله لئلا يفشي ذلك ، وتحرك الديلم بقتله ، وحملوا السلاح ، ثم أرضاهم بختيار فرجعوا .