ذكر عدة حوادث
في هذه السنة ، وبقي الحريق أسبوعا . وقع حريق بالكرخ ببغداذ فاحترق [ فيها ] مواضع كثيرة هلك فيها خلق كثير من الناس
وفيها قبض عضد الدولة على القاضي أبي علي المحسن بن علي التنوخي ، وألزمه منزله ، وعزله عن أعماله التي كان يتولاها ، وكان حنفي المذهب شديد التعصب على الشافعي يطلق لسانه فيه ، قاتله الله ! .
وفيها أفرج عضد الدولة عن أبي إسحاق إبراهيم بن هلال الصابي الكاتب . وكان القبض عليه سنة سبع وستين [ وثلاثمائة ] .
وكان سبب قبضه أنه كان يكتب عن بختيار كتبا في معنى الخلف الواقع بينه وبين عضد الدولة ، فكان ينصح صاحبه ، فمما كتبه عن الخليفة الطائع إلى عضد الدولة في المعنى ، وقد لقب عز الدولة بشاهنشاه ، فتزحزح له عن سنن المساواة ، فنقم عليه عضد الدولة ذلك ، وهذا من أعجب الأشياء ، فإنه كان ينبغي أن يعظم في عينه لنصحه لصاحبه ، فلما أطلقه أمره بعمل كتاب يتضمن أخبارهم ومحاسنها ، فعمل التاجي في دولة الديلم .
وفيها أرسل عضد الدولة القاضي أبا بكر محمد بن الطيب الأشعري المعروف بابن الباقلاني إلى ملك الروم في جواب رسالة وردت منه ، فلما وصل إلى الملك قيل له ليقبل الأرض بين يديه ، فلم يفعل ، فقيل : لا سبيل إلى الدخول إلا مع تقبيل الأرض فأصر على الامتناع ، فعمل الملك بابا صغيرا يدخل منه القاضي منحنيا ليوهم الحاضرين أنه قبل الأرض ، فلما رأى القاضي الباب علم ذلك ، فاستدبره ودخل منه ، فلما جازه استقبل الملك وهو قائم ، فعظم عندهم محله .
وفيها فتح المارستان العضدي ، غربي بغداذ ، ونقل إليه جميع ما يحتاج إليه من الأدوية . ومن الحوادث فيها:
أن عضد الدولة أمر بحفر النهر من عمود الخالص ، وسياقة الماء إلى بستان داره ، فبدئ في ذلك وحشر الرجال لعمله .
وأنه كان على صدر زبزب عضد الدولة على صورة السبع من فضة ، فسرق في صفر ، وعجب الناس كيف كان هذا مع هيبة عضد الدولة المفرطة ، وكونه شديد المعاقبة على أقل جناية ، ثم قلبت الأرض في البحث عن سارقه ، فلم يوقف له على خبر ، ويقال إن صاحب مصر دس من فعل هذا . وفي ذي القعدة: تقلد أبو القاسم عيسى بن علي بن عيسى كتابة الطائع لله ، وخلع عليه .