الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            تولية بكجور التركي على دمشق

            في هذه السنة استعمل العزيز بالله ( الخليفة العلوي ) على دمشق وأعمالها بكجور التركي مولى قرغويه  أحد غلمان سيف الدولة بن حمدان ، وكان له حمص ، فسار منها إلى دمشق ، وظلم أهلها ، وعسفهم وأساء السيرة فيهم ، وقد ذكرناه سنة اثنتين وسبعين [ وثلاثمائة ] مستقصى .

            وفيها وزر أبو محمد علي بن العباس بن فسانجس لشرف الدولة . وفيها ، في ربيع الأول ، انقض كوكب عظيم أضاءت له الدنيا ، وسمع له مثل دوي الرعد الشديد . وفيها غلت الأسعار بالعراق وما يجاوره من البلاد ، وعدمت الأقوات ، فمات كثير من الناس جوعا . وفيها وزر أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن سعدان لصمصام الدولة . وفيها ورد القرامطة إلى قريب بغداذ ، وطمعوا بموت عضد الدولة ، فصولحوا على مال أخذوه وعادوا . ومن الحوادث فيها:

            إظهار وفاة عضد الدولة  

            أنه في يوم عاشوراء ، وهو عاشر المحرم أظهرت وفاة عضد الدولة ، وحمل تابوته إلى الشهداء الغربي ، ودفن في تربة بنيت له هناك ، وكتب على قبره في ملبن ساج :

            "هذا قبر عضد الدولة وتاج الملة أبي شجاع ابن ركن الدولة ، أحب مجاورة هذا الإمام التقي؛ لطمعه في الخلاص يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها والحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد وعترته الطاهرة" .

            وتولى أمره ، وحمله أبو الحسن علي بن أحمد بن إسحاق العلوي النقيب ، وجلس صمصام الدولة للعزاء به بالثياب السود على الأرض ، وجاءه الطائع لله معزيا ، ولطم عليه في دوره والأسواق اللطم الشديد المتصل أياما كثيرة ، فلما انقضى ذلك ، ركب صمصام الدولة إلى دار الخلافة يوم السبت لسبع بقين من الشهر ، وخلع عليه فيها الخلع السبع والعمامة السوداء ، وسور وطوق وتوج ، وعقد له لواءان ، ولقب شمس الملة ، وحمل على فرس بمركب من ذهب ، وقيد بين يديه مثله ، وقرئ عهده بتقليده الأمور فيما بلغته الدعوة في جميع الممالك ، ونزل من هناك في الطيار إلى دار المملكة ، وأخذت له البيعة على جميع الأولياء بالطاعة ، وإخلاص النية في المناصحة ، وأطلق له رسومها ، وكوتب الولاة والعمال وأصحاب النواحي والأطراف بأخذ البيعة على من قبلهم من الأجناد . زيادة الأسعار

            وزادت الأسعار في هذه السنة زيادة مفرطة ، ولحق الناس مجاعة عظيمة ، وبلغ الكر الحنطة في رمضان: ثلاثة آلاف درهم تاجية ، وبلغ في ذي القعدة أربعة آلاف وثمانمائة درهم ، وضج الناس ، وكسروا منابر الجوامع ، ومنعوا الصلاة في عدة جمع ، ومات خلق من الضعفاء جوعا على الطريق ، ثم تناقصت الأسعار في ذي الحجة . مسير القرامطة إلى مصر

            وفي هذه السنة: وافى القرامطة إلى البصرة ، لما حدث من طمعهم بعد وفاة عضد الدولة ؛ فصولحوا على مال أعطوه وانصرفوا .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية