الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب


            ثم دخلت سنة أربع وسبعين وثلاثمائة

            ذكر عود الديلم إلى الموصل وانهزام باذ  

            لما استولى باذ الكردي على الموصل اهتم صمصام الدولة ووزيره ابن سعدان بأمره ، فوقع الاختيار على إنفاذ زيار بن شهراكويه ، وهو أكبر قوادهم ، فأمره بالمسير إلى قتاله ، وجهزه ، وبالغ في أمره ، وأكثر معه الرجال والعدد والأموال ، وسار إلى باذ ، فخرج إليهم ، ولقيهم في صفر من هذه السنة ، فأجلت الوقعة عن هزيمة باذ وأصحابه وأسر كثير من عسكره وأهله ، وحملوا إلى بغداذ فشهروا بها ، وملك الديلم الموصل .

            وأرسل زيار عسكرا مع سعد الحاجب في طلب باذ ، فسلكوا على جزيرة ابن عمر ، وأرسل عسكرا آخر إلى نصيبين ، فاختلفوا على مقدميهم ، فلم يطاوعوهم على المسير إليه ، وكان باذ بديار بكر قد جمع خلقا كثيرا ، فكتب وزير صمصام الدولة إلى سعد الدولة بن سيف الدولة بن حمدان ، وبذل له تسليم ديار بكر إليه ، فسير إليها جيشا ، فلم يكن لهم قوة بأصحاب باذ ، فعادوا إلى حلب ، وكانوا قد حصروا ميافارقين ، فلما شاهد سعد ذلك من عسكره أعمل الحيلة في قتل باذ ، فوضع رجلا على ذلك فدخل الرجل خيمة باذ ليلا ، وضربه بالسيف ، وهو يظن أنه يضرب رأسه ، فوقعت الضربة على ساقه ، فصاح ، وهرب ذلك الرجل ، فمرض باذ من تلك الضربة ، فأشفى على الموت ، وكان قد جمع معه من الرجال خلقا كثيرا ، فراسل زيارا وسعدا يطلب الصلح ، فاستقر الحال بينهم ، واصطلحوا على أن تكون ديار بكر لباذ ، والنصف من طور عبدين أيضا ، وانحدر زيار إلى بغداذ ، وأقام سعد بالموصل .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية