الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر عدة حوادث  في هذه السنة قبض بهاء الدولة على أبي الحسن محمد بن عمر العلوي الكوفي ، وكان قد عظم شأنه مع شرف الدولة ، واتسع جاهه ، وكثرت أمواله ، فلما ولي بهاء الدولة سعى به أبو الحسن المعلم إليه ، وأطمعه في أمواله وملكه ، وعظم ذلك عنده وقبض عليه .

            وفيها أسقط بهاء الدولة ما كان يؤخذ من المراعي من سائر السواد .

            وفيها ولد الأمير أبو طالب رستم بن فخر الدولة .

            وفيها خرج ابن الجراح الطائي على الحجاج بين سميراء وفيد ونازلهم ، فصالحوه على ثلاثمائة ألف درهم ، وشيء من الثياب ، فأخذها وانصرف .

            وركب الطائع لله الطيار وسار إلى دار المملكة بالمخرم لتعزية أبي نصر ، والشطان منغصان بالنظارة ، فنزل [ الأمير ] أبو نصر متشحا بكساء طبري ، والديلم والأتراك بين يديه ، وحواليه إلى المشرعة التي قدم إليها الطيار ، وقبل الأرض وقبلها العسكر بتقبيله ، وصعد الرئيس أبو الحسن علي بن عبد العزيز إلى الأمير أبي نصر ، فأدى إليه رسالة الطائع بالتعزية ، فقبل الأرض ثانيا وشكر ودعا ، فعاد أبو الحسن إلى الطائع ، فأعلمه شكره ودعاءه ، وعادوا الصعود إلى أبي نصر لوداعه عن الطائع لله ، فقبل الأرض ثالثا وانحدر الطيار على مثل ما أصعد ، ورجع الأمير أبو نصر إلى داره .

            فلما كان يوم السبت عاشر هذا الشهر ركب الأمير أبو نصر إلى حضرة الطائع ، وحضر الأشراف والقضاة وجلس الطائع لله في الرواق الذي في صحن السلم متقلدا سيفا ، وأدخل السلطان إلى بيت في جانب الرواق مما يلي دجلة ، وخلع عليه فيه الخلع السلطانية ، وخرج وعليه سبع طاقات أعلاها سواد وعلى رأسه عمامة سوداء ، وعلى عنقه طوق كبير ، وفي يده سواران ، ومشى الحجاب بين يديه بالسيوف والمناطق ، فلما حصل بين يدي الطائع لله قبل الأرض ، فأومأ إليه [ الطائع ] بالجلوس ، وطرح له كرسي فقبل الأرض دفعة ثانية ، وجلس وقرأ أبو الحسن علي بن عبد العزيز عهده ، وقدم إلى الطائع لواءاه حتى عقدهما بيده ولقب بهاء الدولة وضياء الملة ، فسار بين يديه العسكر كله إلى باب الشماسية في القباب المنصوبة ، وانحدر في الطيار إلى دار المملكة ، وأقر الوزير أبا منصور ابن صالحان على الوزارة ، وخلع عليه . وفيها بنى جامع القطيعة ،

            قال: هلال بن المحسن الكاتب : أن الناس تحدثوا في سنة تسع وسبعين وثلاثمائة بأن امرأة من أهل الجانب الشرقي رأت في منامها النبي صلى الله عليه وسلم   [ كأنه ] يخبرها بأنها تموت من غد عصرا ، وأنه يصلي في مسجد بقطيعة أم جعفر من الجانب الغربي في القافلاءين ، ووضع كفه في حائط القبلة ، وأنها ذكرت هذه الرؤية عند انتباهها من نومها ، فقصد الموضع ، ووجد أثر الكف ، وماتت المرأة في ذلك الوقت .

            وعمر المسجد ووسعه أبو أحمد الموسوي بعد ذلك ، وبناه ، وعمر واستأذن الطائع لله في أن يجعل مسجدا تصلى فيه الجمعات ، واحتج بأنه من وراء خندق وأنه يقطع بينه وبين البلد ، ويصير به ذلك الصقع بلدا آخر ، فأذن له في ذلك ، وصار جامعا يصلى فيه الجمعات .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية