الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب


            ثم دخلت سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة

            ذكر قتل المقلد وولاية ابنه قرواش  

            هذه السنة قتل حسام الدولة المقلد بن المسيب العقيلي غيلة ، قتله مماليك له ترك .

            وكان سبب قتله أن هؤلاء الغلمان كانوا قد هربوا منه ، فتبعهم وظفر بهم وقتل منهم وقطع ، وأعاد الباقين ، فخافوه على نفوسهم ، فاغتنم بعضهم غفلته وقتله بالأنبار ، وكان قد عظم أمره ، وراسل وجوه العساكر ببغداذ وأراد التغلب على الملك ، فأتاه الله من حيث لا يشعر .

            ولما قتل كان ولده الأكبر قرواش غائبا ، وكانت أمواله وخزائنه بالأنبار ، فخاف نائبه عبد الله بن إبراهيم بن شهرويه بادرة الجند ، فراسل أبا منصور بن قراد اللديد ، وكان بالسندية ، فاستدعاه إليه وقال له : أنا أجعل بينك وبين قرواش عهدا ، وأزوجه ابنتك وأقاسمك على ما خلفه أبوه ، ونساعده على عمه الحسن إن قصده وطمع فيه . فأجابه إلى ذلك وحمى الخزائن والبلد .

            وأرسل عبد الله إلى قرواش يحثه على الوصول ، فوصل وقاسمه على المال ، وأقام قراد عنده .

            ثم إن الحسن بن المسيب جمع مشايخ عقيل ، وشكا قرواشا إليهم وما صنع مع قراد ، فقالوا له : خوفه منك حمله على ذلك ، فبذل من نفسه الموافقة له ، والوقوف عند رضاه ، وسفر المشايخ بينهما فاصطلحا ، واتفقا على أن يسير الحسن إلى قرواش شبه المحارب ، ويخرج هو وقراد لقتاله ، فإذا لقي بعضهم بعضا عادوا جميعا على قراد فأخذوه ، فسار الحسن وخرج قرواش وقراد لقتاله .

            فلما تراءى الجمعان جاء بعض أصحاب قراد إليه فأعلمه الحال ، فهرب على فرس له ، وتبعه قرواش والحسن فلم يدركاه ، وعاد قرواش إلى بيت قراد فأخذ ما فيه من الأموال التي أخذها من قرواش ، وهي بحالها ، وسار قرواش إلى الكوفة ، فأوقع بخفاجة عندها وقعة عظيمة ، فساروا بعدها إلى الشام ، فأقاموا هناك حتى أحضرهم ( أبو جعفر ) الحجاج ، على ما نذكره إن شاء الله .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية