الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب


            ثم دخلت سنة خمس وتسعين وثلاثمائة

            ذكر عود مهذب الدولة إلى البطيحة  

            قد ذكرنا انهزام عميد الجيوش من أبي العباس بن واصل ، فلما انهزم أقام بواسط ، وجمع العساكر عازما على العود إلى البطائح ، وكان أبو العباس قد ترك بها نائبا له ، فلم يتمكن من المقام بها ، ففارقها إلى صاحبه ، فأرسل عميد الجيوش إليها نائبا من أهل البطائح ، فعسف الناس ، وأخذ الأموال ، ولم يلتفت إلى عميد الجيوش ، فأرسل إلى بغداذ وأحضر مهذب الدولة ، وسير معه العساكر في السفن إلى البطيحة ، فلما وصلها لقيه أهل البلاد ، وسروا بقدومه ، وسلموا إليه جميع الولايات ، واستقر عليه بهاء الدولة كل سنة خمسين ألف دينار ، ولم يعترض عليه ابن واصل ، فاشتغل عنه ( بالتجهيز إلى ) خوزستان ، وحفر نهرا إلى جانب النهر العضدي ، بين البصرة والأهواز ، وكثر ماؤه ، وكان قد اجتمع عنده جمع كثير من الديلم وأنواع الأجناد .

            ولما كثر ماله وذخائره ، و [ ما ] استولى عليه من البطيحة ، قوي طمعه في الملك ، وسار هو وعسكره إلى الأهواز في ذي القعدة ، فجهز إليها بهاء الدولة جيشا في الماء ، فالتقوا بنهر السدرة ، فاقتتلوا ، وخاتلهم أبو العباس ، وسار إلى الأهواز وتبعه من كان قد لقيه من العسكر ، فالتقوا بظاهر الأهواز ، وانضاف إلى عسكر بهاء الدولة العساكر التي بالأهواز ، فاستظهر أبو العباس عليهم .

            ورحل بهاء الدولة إلى قنطرة أربق ، عازما على المسير إلى فارس ، ودخل أبو العباس إلى دار المملكة وأخذ ما فيها من الأمتعة والأثاث المتخلف عن بهاء الدولة ، إلا أنه لم يمكنه المقام لأن بهاء الدولة كان قد جهز عسكرا ليسير في البحر إلى البصرة ، فخاف أبو العباس من ذلك ، وراسل بهاء الدولة ، وصالحه وزاد في أقطاعه ، وحلف كل واحد منهما لصاحبه ، وعاد إلى البصرة ، وحمل معه كل ما أخذه من دار بهاء الدولة ودور الأكابر والقواد والتجار .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية