الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            وفي يوم الأحد الثامن عشر [من] هذا الشهر: جلس الخليفة القادر بالله وأذن للخاصة والعامة فدخلوا عليه وشاهدوه ، وذلك عقب شكاة عرضت له ، ووقع الإرجاف معها به ، وأظهر في هذا اليوم تقليد الأمير أبي جعفر عبد الله ولده ولاية عهده ، وكانت الأقوال قبل هذا قد كثرت في معنى الأمير أبي جعفر وتوليته العهد ، وتوقف الخليفة عن ذلك ، ثم ابتدئت الحال بأن ذكر على المنابر [بالحضرة] في ذي الحجة من السنة الماضية في عرض الدعاء للخلفية ، وقيل: اللهم أمتعه بذخيرة الدين المرجو لولاية عهده في المسلمين إشارة إليه من غير إفصاح باسمه ولا نص عليه ، فلما جلس في هذا اليوم تقدم الصاحب أبو الغنائم محمد بن أحمد وقوم من الأتراك ، وقال أبو الغنائم في أثناء ضجة ، وازدحام: خدم مولانا أمير المؤمنين الغلمان داعون له بإطالة البقاء وإدامة الدولة وشاكرون لما بلغهم من نظره لهم وللمسلمين باختيار الأمير أبي جعفر لولاية العهد ، فقال الخليفة: من هذا المتكلم ولم يفهم قوله ، فقيل الناظر في أمور الأتراك ، فقال للأمير أبي جعفر : اسمع ما يقوله: فأعاد الصاحب القول ، فقال الخليفة: إذا كان الله قد أذن في ذلك فقد أذنا فيه ، فقال [الأمير] أبو جعفر : مولانا يقول: إذا كان الله قد أذن في ذلك فنرجو الخيرة فيه فقال [الخليفة] وزحف من مخاده حتى أشرف على الناس من أعلى سريره بصوت عال: وقد أذنا فيه ، فقال نظام الحضرتين أبو الحسن الزينبي: قد سمع قول مولانا أمير المؤمنين وحفظ والله يقرن ذلك بالخيرة والسعادة ، ومدت الستارة في وجهه ، وجلس الأمير أبو جعفر على السرير الذي كان قائما عليه بين يديه وخدمه الحاضرون بالدعاء والتهنئة ، وتقدم أبو الحسن ابن حاجب النعمان فقبل يده وهناه ودعا له ، فقال له: ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا ، وكفى الله المؤمنين القتال اتهاما له فساد رأي الخليفة فيه ، فبكى وأكب على تقبيل قدمه وتعفير خده ولحيته بين يديه ، قال قولا كثيرا في التبري والاستغفار والاستعطاف ، فلما كان يوم الجمعة لسبع بقين من الشهر ذكر في الخطبة على منابر الحضرة بالقائم بأمر الله ولي عهد المسلمين ، وأثبت ذلك على سكة العين والورق .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية