ذكر عدة حوادث
في هذه السنة قبل قاضي القضاة أبو عبد الله بن ماكولا شهادة أبي الفضل محمد بن عبد العزيز الهادي ، والقاضي أبي الطيب الطبري ، وأبي الحسين بن المهتدي ، وشهد عنده أبو القاسم بن بشران ، وكان قد ترك الشهادة قبل ذلك . وفيها وكتب له إلى عامل نيسابور بإنفاق الأموال على حشمه ، ففعل ذلك وسار إلى عمله ، وأساء السيرة فيه . وفيها ، في رجب ، فوض مسعود بن محمود بن سبكتكين إمارة الري ، وهمذان ، والجبال إلى تاش فراش ، ، وهي خمس عشرة دابة ، وسيبها في الميدان بغير سائس ، ولا حافظ ، ولا علف ، فعل ذلك لسببين : أحدهما عدم العلف ، والثاني أن الأتراك كانوا يلتمسون دوابه ويطلبونها كثيرا ، فضجر منهم ، فأخرجها وقال : هذه دوابي منها : خمس لمركوبي ، والباقي لأصحابي ، ثم صرف حواشيه ، وفراشيه ، وأتباعه ، وأغلق باب داره لانقطاع الجاري له ، فثارت لذلك فتنة بين العامة والجند وعظم الأمر ، وظهر العيارون . وفيها عزل عميد الدولة وزير جلال الدولة ، ووزر بعده أبو الفتح محمد بن الفضل بن أردشير ، فبقي أياما ، ولم يستقم أمره ، فعزل ، ووزر بعده أبو إسحاق إبراهيم بن أبي الحسين ، ( وهو ابن أخي أبي الحسين ) السهلي ، وزير مأمون صاحب خوارزم ، فبقي في الوزارة خمسة وخمسين يوما وهرب . ومن الحوادث فيها: أخرج الملك جلال الدولة دوابه من الإصطبل
أنه في ليلة الخميس ثالث محرم نقب قوم من اللصوص على دار المملكة ، فأفضوا إلى حجرة من حجر الحرم ، وأخذوا منها شيئا من الثياب ، ونذر بهم فهربوا ، ورتب بعد ذلك حرس يطوفون حول الدار في كل ليلة . وفي صفر: عملت عملة في أصحاب الأكسية فأخذت أمتعة كثيرة وثار أهل الكرخ بالعيارين وطلبوهم فهربوا وأقام التجار على إغلاق دكاكينهم والمبيت في أسواقهم ، وراسلوا حاجب الحجاب وسألوه أن يندب إلى المعونة من يعاونونهم على إصلاح البلد ، فأعيد أبو محمد النسوي إلى العمل ، فوجدوا أحد العيارين فقتلوه ونهبت الدار التي استتر فيها ، ثم قوي العيارون وهرب ابن النسوي ، وعادت الفتن .
وفي يوم الثلاثاء خامس ربيع الأول: صرف أبو الفضل محمد بن علي بن عبد العزيز بن حاجب النعمان عن كتابة القادر بالله ، وكانت مدة نظره سبعة أشهر وعشرين يوما ، وسبب ذلك أنه لما توفي والده أبو الحسن وأقيم مقامه لم يكن له دربة بالعمل . وفي ليلة الأحد لثمان بقين من ربيع الآخر: كبس قوم من الدعار المسجد الجامع ببراثا وأخذوا ما فيه من حصر وسجادات ، وقلعوا شباكه الحديد ، وزاد الاختلاط في هذه الأيام وعاد القتال بين العوام ، وكثرت العملات ، واجتاز سكران بالكرخ فضرب [بالسيف] رأس صبي فقتله ، ولم يجر في هذه الأشياء إنكار من السلطان لسقوط هيبته . ولم يحج أحد من أهل المشرق سوى شرذمة خرجوا من الكوفة مع العرب .