الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر عدة حوادث

            في هذه السنة قبل قاضي القضاة أبو عبد الله بن ماكولا شهادة أبي الفضل محمد بن عبد العزيز الهادي ، والقاضي أبي الطيب الطبري ، وأبي الحسين بن المهتدي ، وشهد عنده أبو القاسم بن بشران ، وكان قد ترك الشهادة قبل ذلك . وفيها فوض مسعود بن محمود بن سبكتكين إمارة الري ، وهمذان ، والجبال إلى تاش فراش ،  وكتب له إلى عامل نيسابور بإنفاق الأموال على حشمه ، ففعل ذلك وسار إلى عمله ، وأساء السيرة فيه . وفيها ، في رجب ، أخرج الملك جلال الدولة دوابه من الإصطبل  ، وهي خمس عشرة دابة ، وسيبها في الميدان بغير سائس ، ولا حافظ ، ولا علف ، فعل ذلك لسببين : أحدهما عدم العلف ، والثاني أن الأتراك كانوا يلتمسون دوابه ويطلبونها كثيرا ، فضجر منهم ، فأخرجها وقال : هذه دوابي منها : خمس لمركوبي ، والباقي لأصحابي ، ثم صرف حواشيه ، وفراشيه ، وأتباعه ، وأغلق باب داره لانقطاع الجاري له ، فثارت لذلك فتنة بين العامة والجند وعظم الأمر ، وظهر العيارون . وفيها عزل عميد الدولة وزير جلال الدولة ، ووزر بعده أبو الفتح محمد بن الفضل بن أردشير ، فبقي أياما ، ولم يستقم أمره ، فعزل ، ووزر بعده أبو إسحاق إبراهيم بن أبي الحسين ، ( وهو ابن أخي أبي الحسين ) السهلي ، وزير مأمون صاحب خوارزم ، فبقي في الوزارة خمسة وخمسين يوما وهرب . ومن الحوادث فيها:

            أنه في ليلة الخميس ثالث محرم نقب قوم من اللصوص على دار المملكة ، فأفضوا إلى حجرة من حجر الحرم ، وأخذوا منها شيئا من الثياب ، ونذر بهم فهربوا ، ورتب بعد ذلك حرس يطوفون حول الدار في كل ليلة . وفي صفر: عملت عملة في أصحاب الأكسية فأخذت أمتعة كثيرة وثار أهل الكرخ بالعيارين وطلبوهم فهربوا وأقام التجار على إغلاق دكاكينهم والمبيت في أسواقهم ، وراسلوا حاجب الحجاب وسألوه أن يندب إلى المعونة من يعاونونهم على إصلاح البلد ، فأعيد أبو محمد النسوي إلى العمل ، فوجدوا أحد العيارين فقتلوه ونهبت الدار التي استتر فيها ، ثم قوي العيارون وهرب ابن النسوي ، وعادت الفتن .

            وفي يوم الثلاثاء خامس ربيع الأول: صرف أبو الفضل محمد بن علي بن عبد العزيز بن حاجب النعمان عن كتابة القادر بالله ، وكانت مدة نظره سبعة أشهر وعشرين يوما ، وسبب ذلك أنه لما توفي والده أبو الحسن وأقيم مقامه لم يكن له دربة بالعمل . وفي ليلة الأحد لثمان بقين من ربيع الآخر: كبس قوم من الدعار المسجد الجامع ببراثا وأخذوا ما فيه من حصر وسجادات ، وقلعوا شباكه الحديد ، وزاد الاختلاط في هذه الأيام وعاد القتال بين العوام ، وكثرت العملات ، واجتاز سكران بالكرخ فضرب [بالسيف] رأس صبي فقتله ، ولم يجر في هذه الأشياء إنكار من السلطان لسقوط هيبته . ولم يحج أحد من أهل المشرق سوى شرذمة خرجوا من الكوفة مع العرب .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية