الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب


            استيلاء الفرنج على مدينة طليطلة   .

            في سنة ثمان وسبعين وأربعمائة استولى الفرنج ، لعنهم الله ، على مدينة طليطلة من بلاد الأندلس ، وأخذوها من المسلمين ، وهي من أكبر البلاد وأحصنها .

            وسبب ذلك أن الأذفونش ، ملك الفرنج بالأندلس ، كان قد قوي شأنه ، وعظم ملكه وكثرت عساكره ، مذ تفرقت بلاد الأندلس ، وصار كل بلد بيد ملك ، فصاروا مثل ملوك الطوائف ، فحينئذ طمع الفرنج فيهم ، وأخذوا كثيرا من ثغورهم .

            وكان قد خدم قبل ذلك صاحبها القادر بالله بن المأمون بن يحيى بن ذي النون ، وعرف من أين يؤتى البلد ، وكيف الطريق إلى ملكه .

            فلما كان الآن جمع الأذفونش عساكره وسار إلى مدينة طليطلة فحصرها سبع سنين ، وأخذها من القادر ، فازداد قوة إلى قوته .

            وكان المعتمد على الله أبو عبد الله محمد بن عباد أعظم ملوك الأندلس من المسلمين ، وكان يملك أكثر البلاد مثل قرطبة وإشبيلية ، وكان يؤدي إلى الأذفونش ضريبة كل سنة . فلما ملك الأذفونش طليطلة أرسل إليه المعتمد الضريبة على عادته ، فردها عليه ولم يقبلها منه ، فأرسل إليه يتهدده ويتوعده أنه يسير إلى مدينة قرطبة ويتملكها إلا أن يسلم إليه جميع الحصون التي في الجبل ، ويبقي السهل للمسلمين ، وكان الرسول في جمع كثير كانوا خمسمائة فارس ، فأنزله محمد بن عباد ، وفرق أصحابه على قواد عسكره ، ثم أمر كل من عنده منهم رجل أن يقتله ، وأحضر الرسول وصفعه حتى خرجت عيناه ، وسلم من الجماعة ثلاثة نفر ، فعادوا إلى الأذفونش فأخبروه الخبر وكان متوجها إلى قرطبة ليحاصرها ، فلما بلغه الخبر عاد إلى طليطلة ليجمع آلات الحصار ، ورحل المعتمد إلى إشبيلية .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية