الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر عدة حوادث

            في سنة ثمان وثمانين وأربعمائة، في ربيع الآخر ، شرع الخليفة في عمل سور على الحريم ، وأذن الوزير عميد الدولة بن جهير للعامة في التفرج والعمل ، فزينوا البلد ، وعملوا القباب ، وجدوا في عمارته .

            وفيها ، في شهر رمضان ، جرح السلطان بركيارق ، جرحه إنسان ستري له ، من أهل سجستان ، في عضده ، ثم أخذ الرجل ، وأعانه رجلان أيضا من أهل سجستان ، فلما ضرب الرجل الجارح اعترف أن هذين الرجلين وضعاه ، واعترفا بذلك ، فضربا الضرب الشديد ، ليقرا على من أمرهما بذلك ، فلم يقرا ، فقربا إلى الفيل ليجعلا تحت قوائمه ، وقدم أحدهما ، فقال : اتركوني وأنا أعرفكم ، فتركوه ، فقال لصاحبه : يا أخي لا بد من هذه القتلة ، فلا تفضح أهل سجستان بإفشاء الأسرار ، فقتلا .

            وفيها توجه الإمام أبو حامد الغزالي إلى الشام ، وزار القدس ، وترك التدريس في النظامية ، واستناب أخاه ، وتزهد ، ولبس الخشن ، وأكل الدون ، وفي هذه السفرة صنف " إحياء علوم الدين " ، وسمعه منه الخلق الكثير بدمشق ، وعاد إلى بغداذ بعدما حج في السنة التالية ، وسار إلى خراسان .

            ( وفيها ، في ربيع الأول ، خطب لولي العهد أبي الفضل منصور بن المستظهر بالله ) .

            وفيها عزل بركيارق وزيره مؤيد الملك بن نظام الملك ، واستوزر أخاه فخر الملك ، وسبب ذلك أن بركيارق لما هزم عمه تتش ، وقتله ، أرسل خادما ليحضر والدته زبيدة خاتون من أصبهان ، فاتفق مؤيد الملك مع جماعة من الأمراء ، وأشاروا عليه بتركها ، فقال : لا أريد الملك إلا لها ، وبوجودها عندي ، فلما وصلت إليه وعلمت الحال تنكرت على مؤيد الملك ، وكان مجد الملك أبو الفضل البلاساني قد صحبها في طريقها ، وعلم أنه لا يتم له أمر مع مؤيد الملك ، وكان بين مؤيد الملك وأخيه فخر الملك ( تباعد ) بسبب جواهر خلفها أبوهم نظام الملك ، فلما علم فخر الملك تنكر أم السلطان على أخيه مؤيد الملك أرسل وبذل أموالا جزيلة في الوزارة ، فأجيب إلى ذلك ، وعزل أخوه ، وولي هو . وفي يوم عرفة خلع على القاضي أبي الفرج عبد الرحمن بن هبة الله بن البستي ولقب بشرف القضاة ، ورد إلى ولاية القضاء بالحريم وغيره

            وفي هذه السنة اصطلح أهل الكرخ من السنة والرافضة مع بقية المحال وتزاوروا وتواكلوا وتشاربوا ، وكان هذا من العجائب. ولم يحج أحد من أهل العراق في هذه السنة .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية