ما فعله جاولي سقاووا بالباطنية
في سنة أربع وتسعين وأربعمائة قتل جاولي سقاووا خلقا كثيرا منهم .
وسبب ذلك أن هذا الأمير كانت ولايته البلاد التي بين رامهرمز وأرجان . فلما ملك الباطنية القلاع المذكورة بخوزستان وفارس ، وعظم شرهم ، وقطعوا الطريق بتلك البلاد ، واقف جماعة من أصحابه ، حتى أظهروا الشغب عليه ، وفارقوه ، وقصدوا الباطنية ، وأظهروا أنهم معهم ، وعلى رأيهم ، فأقاموا عندهم حتى وثقوا بهم .
ثم أظهر جاولي أن الأمراء بني برسق يريدون قصده وأخذ بلاده ، وأنه عازم على مفارقتها لعجزه عنهم ، والمسير إلى همذان ، فلما ظهر ذلك وسار قال من عند الباطنية من أصحابه ممن لهم الرأي : إننا نخرج إلى طريقه ونأخذه وما معه من الأموال ، فساروا إليه في ثلاثمائة من أعيانهم وصناديدهم ، فلما التقوا صار من معهم من أصحاب جاولي عليهم ، ووضعوا السيف فيهم فلم يفلت منهم سوى ثلاثة نفر ، تسلقوا في الجبال ، فغنم خيلهم وأموالهم ، وتهذبت الطرق بهلاكهم ، وتبعهم بعض الأمراء ، وقتل خلقا ، منهم ابن كوخ الصوفي ، وكان قد أقام ببغداد بدرب زاخي في الرباط مدة ، وكان يحج في كل سنة بثلاثمائة من الصوفية ، وينفق عليهم الألوف من الدنانير ، وقتل جماعة من القضاة اتهموا بهذا المذهب ، وكان قد حصل بعسكر بركيارق جماعة ، واستغووا خلقا من الأتراك ، فوافقوهم في المذهب ، فاستشعر أصحاب السلطان ولازموا لبس السلاح ، ثم تتبعوا من يتهم ، فقتلوا أكثر من مائة .
وثم بلد يعرف بالصيمر -هو سواد يقارب المشان- يعتقد أهله في ابن الشيباش وأهل بيته ، وكان له نارنجيات انكشفت لبعض أتابعه ، ففارقه وبين للناس أمره ، فكان مما أخبر به عنه أنه قال: أحضرنا يوما جديا مشويا ونحن جماعة من أصحابه ، فلما أكلناه أمر برد عظامه إلى التنور فردت ، وترك على التنور طبقا ، ثم رفعه بعد ساعة ، فوجدنا جديا حيا يرعى حشيشا ، ولم نر للنار أثرا ، ولا للرماد خبرا ، فتلطفت حتى عرفت هذه النارنجية ، وذاك أنى وجدت ذلك التنور يفضي إلى سرداب ، وبينهما طبق حديد يدور بلولب ، فإذا أراد إزالة النار عنه فركه ، فينزل إليه ويترك مكانه طبقا آخر مثله .