الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ما فعله جاولي سقاووا بالباطنية  

            في سنة أربع وتسعين وأربعمائة قتل جاولي سقاووا خلقا كثيرا منهم .

            وسبب ذلك أن هذا الأمير كانت ولايته البلاد التي بين رامهرمز وأرجان . فلما ملك الباطنية القلاع المذكورة بخوزستان وفارس ، وعظم شرهم ، وقطعوا الطريق بتلك البلاد ، واقف جماعة من أصحابه ، حتى أظهروا الشغب عليه ، وفارقوه ، وقصدوا الباطنية ، وأظهروا أنهم معهم ، وعلى رأيهم ، فأقاموا عندهم حتى وثقوا بهم .

            ثم أظهر جاولي أن الأمراء بني برسق يريدون قصده وأخذ بلاده ، وأنه عازم على مفارقتها لعجزه عنهم ، والمسير إلى همذان ، فلما ظهر ذلك وسار قال من عند الباطنية من أصحابه ممن لهم الرأي : إننا نخرج إلى طريقه ونأخذه وما معه من الأموال ، فساروا إليه في ثلاثمائة من أعيانهم وصناديدهم ، فلما التقوا صار من معهم من أصحاب جاولي عليهم ، ووضعوا السيف فيهم فلم يفلت منهم سوى ثلاثة نفر ، تسلقوا في الجبال ، فغنم خيلهم وأموالهم ، وتهذبت الطرق بهلاكهم ، وتبعهم بعض الأمراء ، وقتل خلقا ، منهم ابن كوخ الصوفي ، وكان قد أقام ببغداد بدرب زاخي في الرباط مدة ، وكان يحج في كل سنة بثلاثمائة من الصوفية ، وينفق عليهم الألوف من الدنانير ، وقتل جماعة من القضاة اتهموا بهذا المذهب ، وكان قد حصل بعسكر بركيارق جماعة ، واستغووا خلقا من الأتراك ، فوافقوهم في المذهب ، فاستشعر أصحاب السلطان ولازموا لبس السلاح ، ثم تتبعوا من يتهم ، فقتلوا أكثر من مائة .

            وثم بلد يعرف بالصيمر -هو سواد يقارب المشان- يعتقد أهله في ابن الشيباش وأهل بيته ، وكان له نارنجيات انكشفت لبعض أتابعه ، ففارقه وبين للناس أمره ، فكان مما أخبر به عنه أنه قال: أحضرنا يوما جديا مشويا ونحن جماعة من أصحابه ، فلما أكلناه أمر برد عظامه إلى التنور فردت ، وترك على التنور طبقا ، ثم رفعه بعد ساعة ، فوجدنا جديا حيا يرعى حشيشا ، ولم نر للنار أثرا ، ولا للرماد خبرا ، فتلطفت حتى عرفت هذه النارنجية ، وذاك أنى وجدت ذلك التنور يفضي إلى سرداب ، وبينهما طبق حديد يدور بلولب ، فإذا أراد إزالة النار عنه فركه ، فينزل إليه ويترك مكانه طبقا آخر مثله .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية