الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            قتل وزير السلطان ووزارة أحمد بن نظام الملك  

            في شوال من سنة خمسمائة قبض السلطان محمد على وزيره سعد الملك أبي المحاسن ، وأخذ ماله ، وصلبه على باب أصبهان ، وصلب معه أربعة نفر من أعيان أصحابه والمنتمين إليه ، أما الوزير فنسب إلى خيانة السلطان ، وأما الأربعة فنسبوا إلى اعتقاد الباطنية ، وكانت مدة وزارته سنتين وتسعة أشهر ، وكان في ابتداء حاله يصحب تاج الملك أبا الغنائم ، وتعطل بعده ثم استعمله مؤيد الملك بن نظام الملك ، فجعله على ديوان الاستيفاء ، وخدم السلطان محمدا لما حصره أخوه السلطان بركيارق بأصبهان خدمة حسنة ، ولما فارقها محمد حفظها الحفظ التام ، وقام المقام العظيم ، فاستوزره محمد ، ووسع له في الإقطاع ، وحكمه في دولته ، ثم نكبه ، وهذا آخر خدمة الملوك .

            وما أحسن ما قال عبد الملك بن مروان : أنعم الناس عيشا من له ما يكفيه ، وزوجة ترضيه ، ولا يعرف أبوابنا هذه الخبيثة فتؤذيه .

            ولما قبض الوزير استشار السلطان في من يجعله وزيرا ، فذكر له جماعة ، فقال السلطان : إن آبائي دروا على نظام الملك البركة ، ولهم عليه الحق الكثير ، وأولاده أغذياء نعمتنا ، ولا معدل عنهم . فأمر لأبي نصر أحمد هذا بالوزارة ، ولقب ألقاب أبيه : قوام الدين ، نظام الملك ، صدر الإسلام .

            وكان سبب قدومه إلى باب السلطان أنه لما رأى انقراض دولة أهل بيته لزم داره بهمذان ، فاتفق أن رئيس همذان ، وهو الشريف أبو هاشم ، آذاه ، فسار إلى السلطان شاكيا منه ومتظلما ، فقبض السلطان على الوزير ، وأحمد هذا في الطريق ، فلما وصل إليه ذكره ، وخلع عليه خلع الوزارة ، وحكمه ومكنه ، وقوي أمره ، وهذا من الفرج بعد الشدة ، فإنه حضر شاكيا ، فصار حاكما .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية