الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر عدة حوادث

            ثم دخلت سنة خمسمائة من الهجرة

            قال أبو داود في سننه : بسنده عن عبد الرحمن بن جبير عن أبيه عن أبي ثعلبة الخشني قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لن يعجز الله هذه الأمة من نصف يوم "

            وعن سعد بن أبي وقاص ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إني لأرجو أن لا يعجز أمتي عند ربها أن يؤخرها نصف يوم " قيل : لسعد : وكم نصف يوم ؟ قال : خمسمائة سنة ، وهذا من دلائل النبوة ، وذكر هذه المدة لا ينفي زيادة عليها كما هو الواقع ; لأنه صلى الله عليه وسلم ذكر شيئا من أشراط الساعة لا بد من وقوعها كما أخبر سواء بسواء ، وسيأتي ذكرها فيما بعد زماننا ، وبالله المستعان . وحج بالناس في هذه السنة تركماني من جهة السلطان محمد بن ملكشاه . وفيها:

            أنه [في سابع المحرم] دخل صبي إلى بيت أخته فوجد عندها رجلا ، فقتلها وهرب ، وكان ذلك بالنصرية ، فركب الشحنة ، وخرب المحلة . وفي رابع عشر صفر: خرج الوزير أبو القاسم علي بن جهير من داره بباب العامة إلى الديوان على عادته ، فلما استقر في الديوان وصل إليه أبو الفرج بن رئيس الرؤساء وبهج ، وشافهاه بعزله ، فانصرف إلى داره ماشيا ، ومشيا معه ، وكان سيف الدولة صدقة قد قرر أمره لما رد إلى الوزارة أنه متى تغير الرأي فيه عزل مصونا ، فقصد دار سيف الدولة بعد عزله ، وهو يقول في الطريق: أمنك الله يا سيف الدولة يوم الفزع الأكبر كما أمنتني . فأقام بدار سيف الدولة إلى أن نفذ إليه قوما من الحلة ، فخرج معهم هو وولده وأصحابه .

            وكانت مدة وزارته ثلاث سنين وخمسة أشهر وأياما ، وكان قد استفسد في وزارته هذه قلوب جماعة عليه ، منهم: قاضي القضاة أبو الحسن الدامغاني ، وصاحب المخزن أبو القاسم ابن الفقيه . وأمر الخليفة بنقض داره التي بباب العامة ، وكان في ذلك عبرة من جهة أن أبا نصر بن جهير بناها بأنقاض دور الجانب الغربي وباب محول على يدي صاحب الشرطة أبي الغنائم بن إسماعيل ، وكان هذا الشرطي يأخذ أكثر ذلك لنفسه ويحتج بعمارة هذه الدار ، ولا يقدر الضعفاء على منعه ، فكانت عاقبة الظلم الخراب وذهاب الأموال ، فلما عزل استنيب قاضي القضاة أبو الحسن ، وجعل معه أبو الحسين بن رضوان مشاركا له وجالسا إلى جانبه ، ثم استدعي إلى حضرة الخلافة يوم الثلاثاء سابع عشر ربيع الأول أبو المعالي هبة الله بن محمد بن المطلب ، فكلمه بما شد أزره وشافهه بالتعويل عليه ، وتقدم بإفاضة الخلع عليه ، فخرج إلى الديوان ، وقرأ أبو الحسين بن رضوان عهده وهو من إنشاء ابن رضوان .

            [استدعاء أبي القاسم بن الحصين صاحب المخزن]  

            وفي هذا اليوم استدعي أبو القاسم بن الحصين صاحب المخزن إلى باب الحجرة فخلع عليه هناك؛ إبانة لمحله ، ورفعا لمنزلته .



            [وفي ذي القعدة عول في ديوان الزمام على أبي الحسن علي بن صدقة ، وخلع عليه ، ولقب عميد الدولة] .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية