الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب


            ثم دخلت سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة

            ذكر تفرق العساكر عن السلطان مسعود

            في هذه السنة في المحرم أذن السلطان مسعود للعساكر التي عنده ببغداد بالعود إلى بلادهم لما بلغه أن الراشد بالله قد فارق أتابك زنكي من الموصل ، فإنه يتمسك بالعساكر عنده خوفا أن ينحدر به إلى العراق فيملكه عليه ، فلما أراد أن يأذن للأمير صدقة بن دبيس ، صاحب الحلة ، زوجه ابنته تمسكا به .

            وقدم على السلطان مسعود جماعة من الأمراء الذين حاربوه مع الملك داود منهم البقش السلاحي ، وبرسق بن برسق صاحب تستر ، وسنقر الخمارتكين شحنة همذان ، فرضي عنهم وأمنهم ، وولى البقش شحنكية بغداد ، فعسف الناس وظلمهم .

            وكان السلطان مسعود بعد تفرق العساكر عنه قد بقي معه ألف فارس .

            وتوجه السلطان مسعود إلى الجبل وخلف نائبه بالعراق ألبقش الكبير السلاحي ، فورد سلجوق شاه بن محمد إلى واسط والحلة وطمع في العراق فطرده ألبقش وكان مستضعفا ، واجتمع جماعة من الأمراء والملك داود وعساكر آذربيجان فواقعوا السلطان مسعودا وجرت حروب عظيمة ، ثم قصد مسعود آذربيجان وقصد داود همذان ، ووصلها الراشد يوم الوقعة ، وتقررت القواعد أن الخليفة يكتب لزنكي عشرة بلاد ولا يعين الراشد ، ونفذت الخطوط التي كتبت في حق الراشد بما يوجب الخلع إلى الموصل ، وأحضر هناك القضاة والشهود فقرئ عليهم المكتوب الذي أنفذ [من بغداد] ، وفيه شهادة الشهود والقضاة ، وأحضر قاضي القضاة وثبت الكتاب عنده ، وخلع الراشد بالموصل وخطب للمقتفي ومسعود ، وقطعت خطبة الراشد وداود ، فلما سمع الراشد بذلك نفذ إلى زنكي يقول له: غدرت ، فقال: ما لي بمسعود طاقة فالمصلحة أن تمضي إلى داود ، فمضى في نفر قليل وتخلى عنه وزيره ابن صدقة ودخل الموصل ولم يبق معه صاحب عمامة سوى أبي الفتوح الواعظ ، وكان قد نفذ مسعود ألفي فارس للقبض عليه ففاتهم ومضى إلى مراغة ، فدخل إلى قبر أبيه وحثا التراب على رأسه ، فحمل إليه أهل البلد الأموال ، وكان يوما مشهودا ، وقوي داود وضرب المصاف مع مسعود فقتل من أصحاب مسعود خلق كثير .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية