الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب


            حصر صلاح الدين كوكب

            في سنة أربع وثمانين وخمسمائة، وفي المحرم ، انحسر الشتاء ، فسار صلاح الدين من عكا فيمن تخلف عنده من العسكر إلى قلعة كوكب ، فحصرها ، ونازلها ، ظنا منه أن ملكها سهل ، وأن أخذها ، وهو في قلة من العسكر ، متيسر‌‌ ، فلما رآها عالية منيعة [ أدرك أن ] الوصول إليها متعذر .

            وكان عنده منها ومن صفد و الكرك المقيم المقعد ، لأن البلاد الساحلية ، من عكا إلى جهة الجنوب ، كانت قد ملك جميعها ما عدا هذه الحصون ، وكان يختار أن لا يبقى في وسطها ما يشغل قلبه ، ويقسم همه ، ويحتاج إلى حفظه ، ولئلا ينال الرعايا والمجتازين منهم الضرر العظيم .

            فلما حصر كوكب ، ورآها منيعة ، يبطئ ملكها وأخذها ، رحل عنها ، وجعل عليها قايماز النجمي مستديما لحصاره . وكان رحيله عنها في ربيع الأول .

            وأتاه رسل الملك قلج أرسلان . وقزل أرسلان وغيرهما . يهنئونه بالفتح والظفر ، وسار من كوكب إلى دمشق ، ففرح به المسلمون ودقت البشائر وزين البلد ، ووجد الصفي بن القابض وكيل الخزانة قد بنى للملك دارا بالقلعة هائلة مطلة على الشرف القبلي ، فغضب عليه وعزله من وظيفته ، وقال : إنا لم نخلق للمقام بدمشق ، وإنما خلقنا للعبادة والجهاد .

            وجلس السلطان بدار العدل فحضر عنده القضاة وأهل الفضل ، وزار القاضي الفاضل في بستانه على الشرف في جوسق ابن الفراش ، وحكى له ما كان من الأمور ، واستشاره فيما يفعله في المستقبل من المهمات والغزوات.

            التالي السابق


            الخدمات العلمية