الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب


            وفاة عماد الدين وملك ولده قطب الدين محمد في سنة أربع وتسعين وخمسمائة، في المحرم ، توفي عماد الدين زنكي بن مودود بن زنكي بن آقسنقر - صاحب سنجار ونصيبين والخابور والرقة - وتقدم ذكره كيف ملكها سنة تسع وسبعين [ وخمسمائة ] ، وهو عماد الدين زنكي بن مودود بن زنكي الأتابكي ، كان من خيار الملوك وأحسنهم شكلا وسيرة ، وأجودهم طوية وسريرة ، غير أنه كان يبخل ، وكان شديد المحبة للعلماء ، ولا سيما الحنفية ، وقد ابتنى لهم مدرسة بسنجار ، وشرط لهم طعاما يطبخ لكل واحد منهم في كل يوم ، وهذا نظر حسن ، والفقيه أولى بهذه الحسنة من الفقير ; لاشتغال الفقيه بتكراره ومطالعته عن الفكر فيما يقيته ، فعدا على أولاده ابن عمه صاحب الموصل فأخذ الملك منهم ، فاستغاث بنوه بالملك العادل ، فرد فيهم الملك ودرأ عنهم الضيم . وملك بعده ابنه قطب الدين محمد ، وتولى تدبير دولته مجاهد الدين يرنقش مملوك أبيه ، وكان دينا خيرا عادلا ، حسن السيرة في رعيته ، عفيفا عن أموالهم وأملاكهم ، متواضعا يحب أهل العلم والدين ويحترمهم ويجلس معهم ويرجع إلى أقوالهم ، وكان رحمه الله شديد التعصب على مذهب الحنفية ، كثير الذم للشافعية ، فمن تعصبه أنه بنى مدرسة للحنفية بسنجار ، وشرط أن يكون النظر للحنفية من أولاده دون الشافعية ، وشرط أن يكون البواب والفراش على مذهب أبي حنيفة .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية