الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر عدة حوادث

            في سنة أربع وتسعين وخمسمائة، في ذي الحجة ، توفي أبو طالب يحيى بن سعيد بن زيادة  ، كاتب الإنشاء بديوان الخليفة ، وكان عالما فاضلا ، له كتابة حسنة ، وكان رجلا عاقلا خيرا ، كثير النفع للناس ، وله شعر جيد .

            وفيها حصر الملك العادل أبو بكر بن أيوب قلعة ماردين في شهر رمضان ، وقاتل من بها ، وكان صاحبها حسام الدين ( يولق ) أرسلان بن إيلغازي بن ألبي بن تمرتاش بن إيلغازي بن أرتق ، كل هؤلاء ملوك ماردين ، وقد تقدم من أخبارهم ما يعلم به محلهم ، وكان صبيا ، والحاكم في بلده ودولته مملوك أبيه العادل النظام يرنقش ، وليس لصاحبه معه حكم البتة في شيء من الأمور ، ولما حصر العادل ماردين ودام عليها سلم إليه بعض أهلها الربض بمخامرة بينهم ، فنهب العسكر أهله نهبا قبيحا ، وفعلوا بهم أفعالا عظيمة لم يسمع بمثلها ، فلما تسلم الربض تمكن من حصر القلعة ، وقطع الميرة عنها ، وبقي عليها إلى أن رحل عنها سنة خمس وتسعين [ وخمسمائة ] على ما نذكره - إن شاء الله - . فيها جمعت الفرنج جموعها وأقبلوا فحاصروا تبنين ، فاستدعى العادل بني أخيه لقتالهم ، فجاءه العزيز من مصر والأفضل من صرخد فأقلعت الفرنج عن الحصن وبلغهم موت ملك الألمان ، فطلبوا من العادل الهدنة والأمان ، فهادنهم ورجعت الملوك إلى أماكنها ، وقد عظم المعظم عيسى بن العادل في هذه المدة واستنابه أبوه على دمشق وسار إلى ملكه بالجزيرة فأحسن فيهم السيرة .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية