الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            استهلت والخليفة الحاكم ، وسلطان البلاد الملك المنصور قلاوون . وفي العشر الأول من هذا الشهر ضمن الخمر والزنى بدمشق ، وجعل عليه ديوان ومشد ، فقام في إبطال ذلك جماعة من العلماء والصلحاء والعباد ، فأبطل بعد عشرين يوما ، وأريقت الخمور وأقيمت الحدود ، ولله الحمد والمنة . وفي تاسع عشر ربيع الآخر وصلت الخاتون ابنة بركة خان زوجة الملك الظاهر ، ومعها ولدها الملك السعيد قد نقلته من قرية المساجد بالقرب من الكرك لتدفنه عند أبيه بالتربة الظاهرية ، فرفع بحبال من السور ، ودفن عند والده الظاهر ، ونزلت أمه بدار صاحب حمص ، وهيئت لها الإقامات وعمل عزاء ولدها يوم الحادي والعشرين من ربيع الآخر بالتربة المذكورة ، وحضر السلطان المنصور وأرباب الدولة والقراء والوعاظ .وفي يوم الأحد سابع رمضان فتحت المدرسة الجوهرية بدمشق في حياة منشئها وواقفها الشيخ نجم الدين محمد بن عباس بن أبي المكارم التميمي الجوهري ، ودرس بها قاضي الحنفية حسام الدين الرازي . وفي بكرة يوم السبت التاسع والعشرين من شعبان وقعت مئذنة مدرسة أبي عمر بقاسيون على المسجد العتيق ، فمات شخص واحد ، وسلم الله تعالى بقية الجماعة . وفي عاشر رمضان وقع بدمشق ثلج عظيم وبرد كثير مع هواء شديد ، بحيث إنه ارتفع عن الأرض نحوا من ذراع ، وفسدت الخضراوات ، وتعطل على الناس معايش كثيرة . وفي شوال عقد مجلس بسبب أهل الذمة من الكتاب الذين كانوا قد أسلموا كرها ، وقد كتب لهم جماعة من المفتين بأنهم كانوا مكرهين ، فلهم الرجوع إلى دينهم ، وأثبت الإكراه بين يدي القاضي جمال الدين بن أبي يعقوب المالكي ، فعاد أكثرهم إلى دينهم ، وضربت عليهم الجزية كما كانوا ، سود الله وجوههم يوم تبيض وجوه وتسود وجوه . وقيل : إنهم غرموا مالا جزيلا ، جملة مستكثرة على ذلك ، قبحهم الله . وفي بكرة الخميس التاسع والعشرين من ذي القعدة ، وهو العاشر من آذار استسقى الناس بالمصلى بدمشق ، فسقوا بعد عشرة أيام . وفي هذه السنة أخرج الملك المنصور جميع آل الملك الظاهر من النساء والولدان والخدام من الديار المصرية إلى الكرك ليكونوا في كنف الملك المسعود خضر بن الظاهر . وفي يوم التاسع والعشرين من المحرم أعاد القضاء إلى عز الدين بن الصائغ ، وعزل ابن خلكان

            وفي أول صفر باشر قضاء الحنابلة نجم الدين بن الشيخ شمس بن أبي عمر ، وقد كان المنصب شاغرا منذ عزل والده نفسه عن القضاء ، وتولى قضاء حلب في هذا الشهر تاج الدين يحيى بن محمد بن إسماعيل الكردي .

            وجلس الملك المنصور بدار العدل في هذا الشهر ، فحكم وأنصف المظلوم من الظالم ، وقدم عليه صاحب حماة ، فتلقاه المنصور بنفسه في موكبه ، ونزل بداره بباب الفراديس . وفي أواخر ربيع الآخر عزل التقي توبة التكريتي من الوزارة  بدمشق ، وباشرها بعده تاج الدين السنهوري .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية