الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            وفي صفر بعد موت ابن السلعوس عزل بدر الدين بن جماعة عن القضاء ، وأعيد تقي الدين ابن بنت الأعز ، واستمر ابن جماعة مدرسا بمصر في كفاية ورياسة ، وتولى الوزارة بمصر الصاحب تاج الدين بن الحنا ، وفي ظهر يوم الأربعاء الحادي والعشرين من صفر رتب إمام بمحراب الصحابة ، وهو كمال الدين عبد الرحمن بن القاضي محيي الدين بن الزكي ، وصلى يومئذ بعد الخطيب ، ورتب بالمكتب الذي بباب الناطفانيين إمام أيضا ، وهو ضياء الدين بن برهان الدين الإسكندري ، وباشر نظر الجامع الشريف زين الدين حسين بن محمد بن عدنان ، وعاد سوق الحريريين إلى سوقه ، وأخلوا قيسارية القطن الذي كان نواب طقجي ألزموهم بسكناها ، وولي خطابة دمشق الشيخ العلامة شرف الدين أحمد بن جمال الدين أحمد بن نعمة بن أحمد المقدسي ، بعد عزل موفق الدين الحموي ، دعوه إلى حماة فخطب المقدسي يوم الجمعة نصف رجب ، وقرئ تقليده ، وكانت ولايته بإشارة تاج الدين بن الحنا الوزير بمصر ، وكان فصيحا بليغا عالما بارعا . وفي أواخر رجب حلف الأمراء للأمير زين الدين كتبغا مع الملك الناصر محمد بن قلاوون ، وسارت البيعة بذلك في سائر المدن والمعاقل . وفي شعبان منها ركب الملك الناصر في أبهة الملك ، وشق القاهرة ، وكان يوما مشهودا ، وكان هذا أول ركوبه ، ودقت البشائر بالشام ، وجاء المرسوم من جهته ، فقرئ على المنبر بالجامع فيه الأمر بنشر العدل وطي الظلم ، وإبطال ضمان الأوقاف والأملاك إلا برضا أصحابها . وفي اليوم الثاني والعشرين من شعبان درس بالمسرورية القاضي جمال الدين القزويني ، أخو إمام الدين ، وحضر أخوه وقاضي القضاة شهاب الدين بن الخويي ، والشيخ تقي الدين ابن تيمية ، وكان درسا حافلا . قال البرزالي : وفي شعبان اشتهر أن في الغيطة بجسرين تنينا عظيما ابتلع رأسا من المعز كبيرا صحيحا . وفي أواخر رمضان ظهر الأمير حسام الدين لاجين ، وكان مختفيا منذ قتل الأشرف فاعتذر له عند السلطان ، فقبله وخلع عليه وأكرمه ، ولم يكن قتله باختياره . وفي شوال منها اشتهر أن مهنا بن عيسى خرج عن طاعة السلطان الناصر ، وانحاز إلى التتر . وفي يوم الأربعاء ثامن ذي القعدة درس بالغزالية الخطيب شرف الدين المقدسي عوضا عن قاضي القضاة شهاب الدين بن الخويي - لما توفي - وترك الشامية البرانية ، وقدم على قضاء الشام القاضي بدر الدين بن جماعة  يوم الخميس الرابع عشر من ذي الحجة ، ونزل العادلية ، وخرج نائب السلطنة والجيش بكماله لتلقيه ، وامتدحه الشعراء ، واستناب تاج الدين الجعبري نائب الخطابة ، وباشر تدريس الشامية البرانية - عوضا عن شرف الدين المقدسي - الشيخ زين الدين الفارقي وانتزعت من يده الناصرية ، فدرس بها ابن جماعة ، وبالعادلية في العشرين من ذي الحجة . وفي هذا الشهر أخرجوا الكلاب من دمشق إلى ظاهر الفلاة بأمر واليها جمال الدين أقباي ، وشدد على الناس والبوابين في ذلك .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية