الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            سلطنة الملك العادل كتبغا

             وأصبح الأمير كتبغا في الحادي عشر من المحرم ، فجلس على سرير المملكة ، وخلع الملك الناصر محمد بن المنصور ، وألزمه بيت أهله ، وأن لا يخرج منه ، وبايعه الأمراء على ذلك وهنأوه ، ومد سماطا حافلا ، وسارت البريدية بذلك إلى الأقاليم ، فبويع وخطب له مستقلا ، وضربت السكة باسمه ، وتم الأمر ، وزينت البلاد ، ودقت البشائر ، ولقب بالملك العادل ، وكان عمره إذ ذاك نحوا من خمسين سنة ، فإنه من سبي وقعة حمص الأولى التي كانت في أيام الملك الظاهر بعد وقعة عين جالوت ، وكان من العويراتية ، وهم طائفة من التتر ، واستناب في مصر الأمير حسام الدين لاجين السلحداري المنصوري ، وكان بين يديه مدبر الممالك . وقد ذكر ابن الجزري في " تاريخه " عن بعض الأمراء أنه شهد هولاكوقان قد سأل منجمه أن يستخرج له من هؤلاء المقدمين في عسكره الذي يملك الديار المصرية ، فضرب وحسب ، وقال له : أجده رجلا يملكها اسمه كتبغا . فظنه كتبغانوين وكان صهر هولاكو فقدمه على العساكر فلم يكن هو ، فقتل في عين جالوت كما ذكرنا ، وإنما الذي ملك مصر هذا الرجل ، وكان من خيار الأمراء وأجودهم سيرة ومعدلة وقصدا في نصرة الإسلام . وفي يوم الأربعاء مستهل ربيع الأول ركب كتبغا في أبهة الملك ، وشق القاهرة ، ودعا له الناس ، وعزل الصاحب تاج الدين بن الحنا عن الوزارة ، وولى فخر الدين بن الخليلي ، واستسقى الناس بدمشق عند مسجد القدم ، وخطب بهم تاج الدين صالح الجعبري نيابة عن مستخلفه الشيخ شرف الدين المقدسي ، وكان مريضا ، فعزل نفسه عن القضاء ، وخطب الناس بعد ذلك ، وذلك يوم الأربعاء خامس جمادى الأولى ، فلم يسقوا ، ثم استسقوا مرة أخرى يوم السبت سابع جمادى الآخرة بالمكان المذكور ، وخطب بهم شرف الدين المقدسي ، وكان الجمع أكثر من الأول ، فلم يسقوا .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية