الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر أمر غريب جدا

            لما ذهبت لتهنئة الأمير ناصر الدين بن الأقوش بنيابة بعلبك وجدت هنالك شابا ، فذكر لي من حضر أن هذا هو الذي كان أنثى ثم ظهر له ذكر ، وقد كان أمره اشتهر ببلاد طرابلس ، وشاع بين الناس بدمشق وغيرها ، وتحدث الناس به ، فلما رأيته وعليه قبعة تركية استدعيته إلي ، وسألته بحضرة من حضر ، فقلت له : كيف كان أمرك ؟ فاستحيى وعلاه خجل يشبه النساء ، فقال : كنت امرأة مدة خمس عشرة سنة ، وزوجوني بثلاثة أزواج لا يقدرون علي ، وكلهم يطلق ، ثم اعترضني حال غريب ، فغارت ثدياي وصغرت ، وجعل النوم يعتريني ليلا ونهارا ، ثم جعل يخرج من محل الفرج شيء قليلا قليلا ، ويتزايد حتى برز شبه ذكر وأنثيان . فسألته : أهو كبير أم صغير ؟ فاستحيى ثم ذكر أنه صغير بقدر الأصبع . فسألته : هل احتلم ؟ فذكر أنه احتلم مرتين منذ حصل له ذلك . وكان له قريبا من ستة أشهر إلى حين أخبرني ، وذكر أنه يحسن صنعة النساء كلها من الغزل ، والتطريز ، والزركاش ، وغير ذلك ، فقلت له : ما كان اسمك وأنت على صفة النساء ؟ فقال : نفيسة . فقلت : واليوم ؟ فقال : عبد الله . وذكر أنه لما حصل له هذا الحال كتمه عن أهله حتى عن أبيه ، ثم عزموا على تزويجه برابع ، فقال لأمه : إن الأمر ما صفته كيت وكيت ، فلما اطلع أهله على ذلك أعلموا به نائب السلطنة هناك ، وكتب بذلك محضرا ، واشتهر أمره ، فقدم دمشق ، ووقف بين يدي نائب السلطنة بدمشق ، فسأله فأخبره كما أخبرني ، فأخذه الحاجب سيف الدين كجكن بن الأقوش عنده ، وألبسه ثياب الأجناد ، وهو شاب حسن ، على وجهه وسمته ومشيته وحديثه أنوثة النساء ، فسبحان الفعال لما يشاء ، فهذا أمر لم يقع مثله في العالم إلا قليلا جدا . وعندي أن ذكره كان غائرا في جورة ظنوها فرجا ، ثم لما بلغ ظهر قليلا قليلا حتى تكامل ظهوره ، فتبينوا أنه كان ذكرا ، وذكر لي أن ذكره برز مختونا ، فسمي ختان القمر ، فهذا يوجد كثيرا ، والله أعلم .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية