استهلت سنة خمس وخمسين وسبعمائة وسلطان الديار المصرية ، والبلاد الشامية ، وما يتبع ذلك ، والحرمين الشريفين ، وما والاهما من بلاد الحجاز وغيرها - الملك الصالح صلاح الدين ابن الملك الناصر محمد ابن الملك المنصور قلاوون الصالحي ، وهو ابن بنت تنكز نائب الشام - وكان في الدولة الناصرية - ونائبه بالديار المصرية الأمير سيف الدين قبلاي الناصري ، ووزيره القاضي موفق الدين ، وقضاة مصر هم المذكورون في العام الماضي ، ومنهم قاضي القضاة عز الدين بن جماعة الشافعي ، وقد جاور في هذه السنة في الحجاز الشريف ، والقاضي تاج الدين المناوي يسد المنصب عنه ، وكاتب السر القاضي علاء الدين بن فضل الله العدوي ، ومدبروا المملكة الأمراء الثلاثة; سيف الدين شيخون ، وطاز ، وصرغتمش الناصريون ، والدوادار الأمير الكبير عز الدين طقطاي الناصري .
ودخلت هذه السنة والأمير سيف الدين شيخون في طلب الأحدب من مدة شهر أو قريب . ونائب دمشق الأمير علاء الدين أمير علي المارداني ، وقضاة دمشق هم المذكورون في التي قبلها ، وناظر الدواوين الصاحب شمس الدين موسى بن التاج إسحاق ، وكاتب السر القاضي ناصر الدين بن الشرف يعقوب ، وخطيب البلد جمال الدين محمود بن جملة ، ومحتسبه الشيخ علاء الدين الأنصاري ، قريب الشيخ بهاء الدين ابن إمام المشهد ، وهو مدرس الأمينية مكانه أيضا .
قدوم الأمير علاء الدين مغلطاي الذي كان مسجونا بالإسكندرية وفي شهر ربيع الآخر قدم الأمير علاء الدين مغلطاي الذي كان مسجونا بالإسكندرية ثم أفرج عنه ، وقد كان قبل ذلك هو الدولة ، وأمر بالمسير إلى الشام ليكون عند أيتمش نائب طرابلس ، وأما منجك الذي كان وزيره بالديار المصرية ، وكان معتقلا بالإسكندرية مع مغلطاي - فإنه صار إلى صفد مقيما بها بطالا ، كما أن مغلطاي أمر بالمقام بطرابلس بطالا أيضا إلى حين يحكم الله عز وجل . وورد الكتاب بإلزام أهل الذمة بالشروط العمرية وورد الكتاب . وفي يوم الجمعة ثامن عشر رجب الفرد قرئ بجامع دمشق بالمقصورة بحضرة نائب السلطنة ، وأمراء الأعراب ، وكبار الأمراء ، وأهل الحل والعقد والعامة ، كتاب السلطان بإلزام أهل الذمة بالشروط العمرية وزيادات أخر; منها أن لا يستخدموا في شيء من الدواوين السلطانية والأمراء ولا في شيء من الأشياء ، وأن لا تزيد عمامة أحدهم على عشرة أذرع ، ولا يركبوا الخيل ولا البغال ، ولكن الحمير بالأكف عرضا ، وأن لا يدخلوا إلا بالعلامات من جرس ، أو بخاتم نحاس أصفر أو رصاص ، ولا تدخل نساؤهم مع المسلمات الحمامات ، وليكن لهن حمامات تختص بهن ، وأن يكون إزار النصرانية من كتان أزرق ، واليهودية من كتان أصفر ، وأن يكون أحد خفيها أسود والآخر أبيض ، وأن يحمل حكم مواريثهم على الأحكام الشرعية . بإلزام أهل الذمة بالشروط العمرية
واحترقت باشورة بباب الجابية في ليلة الأحد العشرين من جمادى الآخرة ، وعدم المسلمون تلك الأطعمات والحواصل النافعة من الباب الجواني إلى الباب البراني .
وفي مستهل شهر رمضان عمل الشيخ الإمام العالم البارع شمس الدين بن النقاش المصري الشافعي - ورد دمشق - بالجامع الأموي تجاه محراب الصحابة - ميعادا للوعظ ، واجتمع عنده خلق من الأعيان والفضلاء والعامة ، وشكروا كلامه وطلاقه عبارته ، من غير تلعثم ولا تخليط ولا توقف ، وطال ذلك إلى قريب العصر .
وفي صبيحة يوم الأحد ثالثه صلي بجامع دمشق بالصحن تحت النسر على القاضي جمال الدين حسين ابن قاضي القضاة تقي الدين السبكي الشافعي ، ونائبه ، وحضر نائب السلطنة الأمير علاء الدين علي ، وقضاة البلد والأعيان والدولة وكثير من العامة ، وكانت جنازته محشودة ، وحضر والده قاضي القضاة وهو يهادى بين رجلين ، يظهر عليه الحزن والكآبة ، فصلى عليه إماما ، وتأسف الناس عليه; لسماحة أخلاقه وانجماعه على نفسه ، لا يتعدى شره إلى غيره ، وكان يحكم جيدا ، نظيف العرض في ذلك ، وكان قد درس في عدة مدارس ، منها الشامية البرانية والعذراوية ، وأفتى ، وتصدر ، وكانت لديه فضيلة جيدة بالنحو والفقه والفرائض وغير ذلك ، ودفن بسفح قاسيون في تربة معروفة لهم ، رحمهم الله .