تهان لها الغلامة والغلام
وفي تعيين اسمه عليه السلام تأكيد للوعد وتشريف له عليه السلام ، وفي تخصيصه به حسبما يعرف عنه قوله تعالى : لم نجعل له من قبل سميا أي شريكا له في الاسم حيث لم يسم أحد قبله بيحيى على ما روي عن ابن عباس وقتادة والسدي وابن أسلم مزيد تشريف وتفخيم له عليه السلام ، وهذا كما قال شاهد على أن الأسماء النادرة التي لا يكاد الناس يستعملونها جديرة بالأثرة وإياها كانت العرب تنحى في التسمية لكونها أنبه وأنوه وأنزه عن النبز حتى قال القائل في مدح قوم : الزمخشري
شنع الأسامي مسبلي أزر حمر تمس الأرض بالهدب
وقيل للصلت بن عطاء : كيف تقدمت عند البرامكة وعندهم من هو آدب منك؟ فقال : كنت غريب الدار غريب الاسم خفيف الجرم شحيحا بالأشلاء، فذكر مما قدمه كونه غريب الاسم وأخرج في الزهد أحمد وغيرهما عن وابن المنذر أن (سميا) بمعنى شبيها، وروي عن مجاهد عطاء مثله أي لم نجعل له شبيها حيث أنه لم يعص ولم يهم بمعصية ، فقد أخرج وابن جبير أحمد والحكيم في نوادر الأصول والحاكم والترمذي عن وابن مردويه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ابن عباس يحيى بن زكريا عليهما السلام لم يهم بخطيئة ولم يعملها ) ما من أحد من ولد آدم إلا وقد أخطأ أو هم بخطيئة إلا
والأخبار في ذلك متظافرة ، وقيل : لم يكن له شبيه لذلك ولأنه ولد بين شيخ فان وعجوز عاقر .
وقيل لأنه كان كما وصف الله تعالى مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين فيكون هذا إجمالا لذلك، وإنما قيل للشبيه سمي لأن المتشابهين يتشاركان في الاسم ، ومن هذا الإطلاق قوله تعالى : هل تعلم له سميا [ ص: 66 ] لأنه الذي يقتضيه التفريع ، والأظهر أنه اسم أعجمي لأنه لم تكن عادتهم التسمية بالألفاظ العربية فيكون منعه الصرف على القول المشهور في مثله للعلمية والعجمة ، وقيل أنه عربي ولتلك العادة مدخل في غرابته وعلى هذا فهو منقول من الفعل كيعمر ويعيش وقد سموا بيموت وهو يموت بن المزرع بن أخت الجاحظ، ووجه تسميته بذلك على القول بعربيته قيل الإشارة بأنه يعمر ، وهذا في معنى التفاؤل بطول حياته ، وكان في ذلك إشارة إلى أنه عليه السلام يرث حسبما سأل زكريا عليه السلام ، وقيل : سمي بذلك لأنه حي به رحم أمه ، وقيل لأنه حي بين شيخ فان وعجوز عاقر ، وقيل لأنه يحيا بالحكمة والعفة ، وقيل لأنه يحيا بإرشاد الخلق وهدايتهم ، وقيل لأنه يستشهد والشهداء أحياء ، وقيل غير ذلك ، ثم لا يخفى أنه على العربية والعجمة يختلف الوزن والتصغير كما بين في محله .