لن يضروكم إلا أذى   استثناء متصل لأن الأذى بمعنى الضرر اليسير كما يشهد به مواقع الاستعمال فكأنه قيل : لن يضروكم  ضررا ما إلا ضررا يسيرا ، وقيل : إنه منقطع لأن الأذى  [ ص: 29 ] ليس بضرر وفيه نظر ، والآية كما قال  مقاتل   : نزلت لما عمد رؤساء اليهود مثل كعب  وأبي رافع  وأبي ياسر  وكنانة  وابن صوريا  إلى مؤمنيهم  كعبد الله بن سلام  وأصحابه ، وآذوهم لإسلامهم وكان إيذاء قوليا على ما يفهمه كلام  قتادة  وغيره ، وكان ذلك الافتراء على الله تعالى كما قاله  الحسن   . وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار  أي ينهزموا من غير أن يظفروا منكم بشيء ، وتولية الأدبار كناية عن الانهزام معروفة . 
ثم لا ينصرون   (111) عطف على جملة الشرط والجزاء و ( ثم ) للترتيب والتراخي الإخباري أي لا يكن لهم نصر من أحد ثم عاقبتهم العجز والخذلان إن قاتلوكم أو لم يقاتلوكم ، وفيه تثبيت للمؤمنين على أتم وجه . 
وقرئ : ( ثم لا ينصروا ) والجملة حينئذ معطوفة على جزاء الشرط ، و ( ثم ) للتراخي في الرتبة بين الخبرين لا في الزمان لمقارنته ، وجوز بعضهم كونها للتراخي في الزمان على القراءتين بناء على اعتباره بين المعطوف عليه وآخر أجزاء المعطوف ، وقراءة الرفع أبلغ لخلوها عن القيد ، وفي هذه الآية دلالة واضحة على نبوة نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم ، ولكونها من الإخبار بالغيب الذي وافقه الواقع ؛ لأن يهود بني قينقاع وبني قريظة والنضير ، ويهود خيبر حاربوا المسلمين ولم يثبتوا ، ولم ينالوا شيئا منهم ، ولم تخفق لهم بعد ذلك راية ولم يستقم أمر ولم ينهضوا بجناح . 
				
						
						
