قوله تعالى : لا إكراه في الدين   الآية . 
أخرج  أبو داود   ,  والنسائي  ،  وابن جرير  ،  وابن المنذر  ،  وابن أبي حاتم   ,  والنحاس  في " ناسخه " ،  وابن منده  في " غرائب  شعبة   " ،  وابن حبان  ،  وابن مردويه   ,  والبيهقي  في " سننه "  والضياء  في " المختارة " , عن  [ ص: 195 ]  ابن عباس  قال : كانت المرأة من الأنصار  تكون مقلاتا ؛ لا يكاد يعيش لها ولد , فتجعل على نفسها إن عاش لها ولد أن تهوده . فلما أجليت بنو النضير  كان فيهم من أبناء الأنصار , فقالوا : لا ندع أبناءنا . فأنزل الله : لا إكراه في الدين   . 
وأخرج  سعيد بن منصور  ،  وعبد بن حميد  ،  وابن جرير  ،  وابن المنذر   ,  والبيهقي   , عن  سعيد بن جبير  في قوله : لا إكراه في الدين   . قال : نزلت في الأنصار  خاصة . قلت : خاصة ؛ كانت المرأة منهم إذا كانت نزرة أو مقلاتا تنذر ؛ لئن ولدت ولدا لتجعلنه في اليهود . تلتمس بذلك طول بقائه , فجاء الإسلام وفيهم منهم , فلما أجليت النضير  قالت الأنصار : يا رسول الله , أبناؤنا وإخواننا فيهم . فسكت عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنزلت : لا إكراه في الدين   . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قد خير أصحابكم ؛ فإن اختاروكم فهم منكم , وإن اختاروهم فهم منهم " . فأجلوهم معهم .  [ ص: 196 ] وأخرج  عبد بن حميد  ،  وابن جرير  ،  وابن المنذر   , عن  الشعبي  قال : كانت المرأة من الأنصار تكون مقلاتا لا يعيش لها ولد , فتنذر إن عاش ولدها أن تجعله مع أهل الكتاب على دينهم . فجاء الإسلام وطوائف من أبناء الأنصار على دينهم , فقالوا : إنما جعلناهم على دينهم ونحن نرى أن دينهم أفضل من ديننا , وإن الله جاء بالإسلام , فلنكرهنهم . فنزلت : لا إكراه في الدين   . فكان فصل ما بينهم إجلاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بني النضير ,  فلحق بهم من لم يسلم , وبقي من أسلم . 
وأخرج سعيد بن منصور ،  وعبد بن حميد  ،  وابن جرير  ،  وابن المنذر  ،  وابن أبي حاتم   , عن  مجاهد  قال : كان ناس من الأنصار مسترضعين في بني قريظة   , فثبتوا على دينهم , فلما جاء الإسلام أراد أهلوهم أن يكرهوهم على الإسلام فنزلت : لا إكراه في الدين   . 
وأخرج  عبد بن حميد  ،  وابن جرير  ،  وابن المنذر   , من وجه آخر , عن  مجاهد  قال : كانت النضير  أرضعت رجالا من الأوس   , فلما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإجلائهم , قال أبناؤهم من الأوس   : لنذهبن معهم ولندينن دينهم . فمنعهم أهلوهم وأكرهوهم على الإسلام , ففيهم نزلت هذه الآية : لا إكراه في الدين   .  [ ص: 197 ] وأخرج  ابن جرير   , عن  الحسن  ، أن ناسا من الأنصار كانوا مسترضعين في بني النضير ,  فلما أجلوا أراد أهلوهم أن يلحقوهم بدينهم , فنزلت : لا إكراه في الدين   . 
وأخرج  ابن إسحاق  ،  وابن جرير   , عن  ابن عباس  في قوله : لا إكراه في الدين  قال : نزلت في رجل من الأنصار من بني سالم بن عوف   , يقال له : الحصين   . كان له ابنان نصرانيان , وكان هو رجلا مسلما , فقال للنبي صلى الله عليه وسلم : ألا أستكرههما ؛ فإنهما قد أبيا إلا النصرانية ؟ فأنزل الله فيه ذلك . 
وأخرج  عبد بن حميد  عن عبد الله بن عبيدة   , أن رجلا من الأنصار من بني سالم بن عوف  كان له ابنان تنصرا قبل أن يبعث النبي صلى الله عليه وسلم , فقدما المدينة  في نفر من أهل دينهم يحملون الطعام , فرآهما أبوهما فانتزعهما وقال : والله لا أدعهما حتى يسلما . فأبيا أن يسلما , فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم , فقال : يا رسول الله , أيدخل بعضي النار وأنا أنظر؟ فأنزل الله : لا إكراه في الدين  الآية . فخلى سبيلهما . 
وأخرج  أبو داود  في " ناسخه " ،  وابن جرير  ،  وابن المنذر   , عن  السدي  في قوله : لا إكراه في الدين   . قال : نزلت في رجل من الأنصار يقال له : أبو الحصين   . كان له ابنان , فقدم تجار من الشام  إلى المدينة  يحملون الزيت , فلما باعوا وأرادوا أن يرجعوا أتاهم ابنا أبي الحصين   , فدعوهما إلى النصرانية , فتنصرا  [ ص: 198 ] فرجعا إلى الشام  معهم , فأتى أبوهما رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال : إن ابني تنصرا وخرجا , فأطلبهما . فقال : " لا إكراه في الدين   " . ولم يؤمر يومئذ بقتال أهل الكتاب , وقال : " أبعدهما الله , هما أول من كفر " . فوجد أبو الحصين  في نفسه على النبي صلى الله عليه وسلم حين لم يبعث في طلبهما , فنزلت : فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم  الآية . ثم نسخ بعد ذلك : لا إكراه في الدين   . وأمر بقتال أهل الكتاب في سورة " براءة "  . 
وأخرج  ابن جرير  ،  وابن أبي حاتم   , عن  ابن عباس   : لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي   . قال : وذلك لما دخل الناس في الإسلام وأعطى أهل الكتاب الجزية . 
وأخرج  عبد بن حميد   ,  وأبو داود  في " ناسخه " ،  وابن جرير   , عن  قتادة  في الآية قال : كانت العرب ليس لها دين فأكرهوا على الدين بالسيف . قال : ولا يكره اليهود ولا النصارى والمجوس إذا أعطوا الجزية . 
وأخرج  سعيد بن منصور  عن  الحسن  في قوله : لا إكراه في الدين   . قال : لا يكره أهل الكتاب على الإسلام  .  [ ص: 199 ] وأخرج  سعيد بن منصور  ،  وابن أبي شيبة  ،  وابن المنذر  ،  وابن أبي حاتم   , عن وسق الرومي  قال : كنت مملوكا  لعمر بن الخطاب   , فكان يقول لي : أسلم ؛ فإنك لو أسلمت استعنت بك على أمانة المسلمين , فإنه لا أستعين على أمانتهم بمن ليس منهم . فأبيت عليه , فقال لي : لا إكراه في الدين   . 
وأخرج  النحاس  عن أسلم   : سمعت  عمر بن الخطاب  يقول لعجوز نصرانية : أسلمي تسلمي . فأبت , فقال  عمر   : اللهم اشهد . ثم تلا : لا إكراه في الدين   . 
وأخرج  ابن المنذر  ،  وابن أبي حاتم   , عن سليمان بن موسى  في قوله : لا إكراه في الدين   . قال : نسختها : جاهد الكفار والمنافقين   . 
وأخرج  سعيد بن منصور  ،  وابن المنذر   , عن حميد الأعرج  ، أنه كان يقرأ : قد تبين الرشد من الغي   . وكان يقول : قراءتي على قراءة  مجاهد   . 
 [ ص: 200 ] وأخرج  الفريابي   ,  وسعيد بن منصور  ،  وابن جرير  ،  وابن أبي حاتم   , عن  عمر بن الخطاب  قال : الطاغوت : الشيطان . 
وأخرج  ابن جرير  ،  وابن أبي حاتم  ، عن  جابر بن عبد الله  ، أنه سئل عن الطواغيت , قال : هم كهان تنزل عليهم الشياطين  . 
وأخرج  ابن أبي حاتم  عن  عكرمة  قال : الطاغوت : الكاهن  . 
وأخرج  ابن جرير  عن  أبي العالية  قال : الطاغوت : الساحر  . 
وأخرج  ابن جرير  ،  وابن المنذر  ،  وابن أبي حاتم   , عن  مجاهد  قال : الطاغوت : الشيطان في صورة الإنسان , يتحاكمون إليه وهو صاحب أمرهم  . 
وأخرج  ابن أبي حاتم  عن  مالك بن أنس  قال : الطاغوت : ما يعبدون من دون الله . 
وأخرج  ابن جرير  ،  وابن المنذر  ،  وابن أبي حاتم   , عن  ابن عباس   : فقد استمسك بالعروة الوثقى   . قال : لا إله إلا الله  . 
 [ ص: 201 ] وأخرج  ابن أبي شيبة  في " المصنف " ،  وابن أبي حاتم  عن  أنس بن مالك  في قوله : فقد استمسك بالعروة الوثقى   . قال : القرآن . 
وأخرج  سفيان بن عيينة  ،  وعبد بن حميد  ،  وابن أبي حاتم  ، عن  مجاهد  في قوله بالعروة الوثقى  قال : الإيمان . ولفظ سفيان قال : كلمة الإخلاص  . 
وأخرج  البخاري   ومسلم  ، عن  عبد الله بن سلام  قال : رأيت رؤيا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ رأيت كأني في روضة خضراء وسطها عمود حديد أسفله في الأرض وأعلاه في السماء، في أعلاه عروة . فقيل لي : اصعد عليه . فصعدت حتى أخذت بالعروة، فقال : استمسك بالعروة . فاستيقظت وهي في يدي، فقصصتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : " أما الروضة ؛ فروضة الإسلام، وأما العمود ؛ فعمود الإسلام، وأما العروة ؛ فهي العروة الوثقى، أنت على الإسلام حتى تموت "  . 
وأخرج  ابن عساكر  عن  أبي الدرداء  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  " اقتدوا بالذين من بعدي ؛  أبي بكر   وعمر  ؛ فإنهما حبل الله الممدود، فمن استمسك بهما فقد تمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها "  . 
 [ ص: 202 ] وأخرج  ابن المنذر  عن  ابن عباس  قال : القدر نظام التوحيد، فمن كفر بالقدر كان كفره بالقدر نقصا للتوحيد، فإذا وحد الله وآمن بالقدر فهي العروة الوثقى . 
وأخرج  ابن المنذر  ،  وابن أبي حاتم  ، عن  معاذ بن جبل  ، أنه سئل عن قوله : لا انفصام لها  قال : لا انقطاع لها دون دخول الجنة  . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					