قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا   
لما أطلعه على سماجة صورة أمره ، وهدم مذهبه بالحجج القاطعة ، وناصحه المناصحة العجيبة مع تلك الملاطفات ، أقبل عليه الشيخ بفظاظة الكفر وغلظة العناد ، فناداه باسمه ، ولم يقابل " يا أبت " : بيا بني ، وقدم الخبر على المبتدأ في قوله : أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم  إبراهيم  لأنه كان أهم عنده وهو عنده أعنى ، وفيه ضرب من التعجب والإنكار لرغبته عن آلهته ، وأن آلهته ما ينبغي أن يرغب عنها أحد ، وفي هذا سلوان وثلج لصدر رسول الله صلى الله عليه وسلم عما كان يلقى من مثل ذلك من كفار قومه ، "أرجمنك " : لأرمينك بلساني ، يريد : الشتم والذم ، ومنه "الرجيم " : المرمي باللعن ، أو لأقتلنك ، من رجم الزاني ، أو : لأطردنك رميا بالحجارة ، وأصل الرجم : الرمي بالرجام ،  "مليا "   : زمانا طويلا من الملاوة ، أو : مليا بالذهاب عني ، والهجران قبل أن أثخنك بالضرب ، حتى لا تقدر أن تبرح ، يقال : فلان ملي بكذا ، : إذا كان مطيقا له مضطلعا به . 
فإن قلت : علام عطف واهجرني  ؟ 
قلت : على معطوف عليه محذوف يدل عليه : "أرجمنك" أي : فاحذرني واهجرني ؛ لأن  "لأرجمنك "   : تهديد وتقريع . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					