ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى   قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا   قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى   
الضنك : مصدر يستوي في الوصف به المذكر والمؤنث ، وقرئ : "ضنكى " : على فعلى ، ومعنى ذلك : أن مع الدين التسليم والقناعة والتوكل على الله وعلى قسمته ، فصاحبه ينفق ما رزقه بسماح وسهولة ، فيعيش عيشا رافعا ؛ كما قال عز وجل : فلنحيينه حياة طيبة   [النحل : 97 ] ، والمعرض عن الدين ، مستول عليه الحرص الذي لا يزال يطمح به إلى الازدياد من الدنيا ، مسلط عليه الشح الذي يقبض يده عن الإنفاق ، فعيشه ضنك وحاله مظلمة ، كما قال بعض المتصوفة : لا يعرض أحد عن ذكر ربه إلا أظلم عليه وقته وتشوش عليه رزقه ، ومن الكفرة من ضرب الله عليه الذلة والمسكنة ؛ لكفره ، قال الله تعالى : وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله ذلك بأنهم كانوا يكفرون   [البقرة : 61 ] ، وقال : ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم   [المائدة : 66 ] ، وقال : ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض   [الأعراف : 96 ] وقال : استغفروا ربكم إنه كان غفارا  يرسل السماء عليكم مدرارا   [نوح : 11 ] وقال : وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا   [الجن : 16 ] ، وعن  [ ص: 118 ]  الحسن   : هو الضريع والزقوم في النار ، وعن  أبي سعيد الخدري   : "عذاب القبر " ، وقرئ : "ونحشره " : بالجزم ، عطفا على محل : فإن له معيشة ضنكا  ؛ لأنه جواب الشرط ، وقرئ : "ونحشره " : بسكون الهاء على لفظ الوقف ، وهذا مثل قوله : ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما   [الإسراء : 97 ] ، وكما فسر الزرق بالعمى ،  "وكذلك"  أي : مثل ذلك فعلت أنت ، ثم فسر بأن آياتنا أتتك واضحة مستنيرة ، فلم تنظر إليها بعين المعتبر ولم تتبصر ، وتركتها وعميت عنها ، فكذلك اليوم نتركك على عماك ولا نزيل غطاءه عن عينيك . 
				
						
						
