لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه فلا ينازعنك في الأمر وادع إلى ربك إنك لعلى هدى مستقيم   
هو نهي لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- أي : لا تلتفت إلى قولهم ولا تمكنهم من أن ينازعوك ، أو هو زجر لهم عن التعرض لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالمنازعة في الدين وهم جهال لا علم عندهم وهم كفار خزاعة ، روي أن بديل بن ورقاء  وبشر بن سفيان  الخزاعيين وغيرهما قالوا  [ ص: 210 ] للمسلمين : ما لكم تأكلون ما قتلتم ، ولا تأكلون ما قتله الله! يعنون : الميتة ، وقال  الزجاج   : هو نهي له -صلى الله عليه وسلم- عن منازعتهم ، كما تقول : لا يضاربنك فلان ، أي : لا تضاربه ، وهذا جائز في الفعل الذي لا يكون إلا بين اثنين في الأمر   : في أمر الدين ، وقيل : في أمر النسائك ، وقرئ : "فلا ينزعنك" ، أي : اثبت في دينك ثباتا لا يطمعون أن يجذبوك ليزيلوك عنه ، والمراد : زيادة التثبيت للنبي -صلى الله عليه وسلم- بما يهيج حميته ويلهب غضبه لله ولدينه ؛ ومنه قوله : ولا يصدنك عن آيات الله   [القصص : 87 ] ، ولا تكونن من المشركين   [الأنعام : 14 ] ، فلا تكونن ظهيرا للكافرين   [القصص : 86 ] ، وهيهات أن ترتع همة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حول ذلك الحمى ؛ ولكنه وارد على ما قلت لك من إرادة التهييج والإلهاب ، وقال  الزجاج   : هو من نازعته فنزعته أنزعه ، أي : غلبته ، أي : لا يغلبنك في المنازعة . 
فإن قلت : لم جاءت نظيرة هذه الآية معطوفة بالواو ، وقد نزعت من هذه ؟ 
قلت : لأن تلك وقعت مع ما يدانيها ويناسبها من الآي الواردة في أمر النسائك ، فعطفت على أخواتها ، وأما هذه فواقعة مع أباعد عن معناها فلم تجد معطفا . 
				
						
						
