الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي بعث الله رسولا إن كاد ليضلنا عن آلهتنا لولا أن صبرنا عليها وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا

                                                                                                                                                                                                " إن" الأولى نافية ، والثانية مخففة من الثقيلة ، واللام هي الفارقة بينهما . واتخذه هزوا : في معنى استهزأ به ، والأصل : اتخذه موضع هزؤ ، أو مهزوءا به "أهذا" محكى بعد القول المضمر . وهذا استصغار ، و بعث الله رسولا وإخراجه في معرض التسليم والإقرار ، وهم على غاية الجحود والإنكار سخرية واستهزاء ، ولو لم يستهزئوا لقالوا : أهذا الذي زعم أو ادعى أنه مبعوث من عند الله رسولا . وقولهم : إن كاد ليضلنا دليل على فرط مجاهدة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في دعوتهم ، وبذله قصارى الوسع والطاقة في استعطافهم ، مع عرض الآيات والمعجزات عليهم حتى شارفوا بزعمهم أن يتركوا دينهم إلى دين الإسلام ، لولا فرط لجاجهم واستمساكهم بعبادة آلهتهم ، و " لولا" في مثل هذا الكلام جار من حيث المعنى -لا من حيث الصنعة- مجرى التقييد للحكم المطلق وسوف يعلمون وعيد ودلالة على أنهم لا يفوتونه وإن طالت مدة الإمهال ، ولا بد للوعيد أن يلحقهم فلا يغرنهم التأخير . وقوله : من أضل سبيلا كالجواب عن قولهم إن كاد ليضلنا لأنه نسبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم- إلى الضلال من حيث لا يضل غيره إلا من هو ضال في نفسه . ويروى أنه من قول جهل لعنه الله .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية