[ ص: 355 ] وهو الذي أرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته وأنزلنا من السماء ماء طهورا   
قرئ : "الريح " . و "الرياح نشرا " : إحياء . ونشرا : جمع نشور ، وهي المحيية . ونشرا : تخفيف نشر ، وبشرا تخفيف بشر : جمع بشور وبشرى . و بين يدي رحمته  استعارة مليحة ، أي : قدام المطر  "طهورا"  بليغا في طهارته . وعن أحمد بن يحيى  هو ما كان طاهرا في نفسه مطهرا لغيره ، فإن كان ما قاله شرحا لبلاغته في الطهارة كان سديدا . ويعضده قوله تعالى : وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به   [الأنفال : 11 ] ، وإلا فليس "فعول" من التفعيل في شيء . والطهور على وجهين في العربية : صفة ، واسم غير صفة ؛ فالصفة قولك : ماء طهور ، كقولك : طاهر ، والاسم قولك لما يتطهر به : طهور ، كالوضوء والوقود ، لما يتوضأ به وتوقد به النار . وقولهم : تطهرت طهورا حسنا ، كقولك : وضوء حسنا ، ذكره  سيبويه   . ومنه قوله صلى الله عليه وسلم :  "لا صلاة إلا بطهور " ، أي طهارة . فإن  [ ص: 356 ] قلت : ما الذي يزيل عن الماء اسم الطهور ؟ قلت : تيقن مخالطة النجاسة أو غلبتها على  [ ص: 357 ] الظن ، تغير أحد أوصافه الثلاثة أو لم يتغير . أو استعماله في البدن لأداء عبادة عند  أبي  [ ص: 358 ] حنيفة  وعند  مالك بن أنس   -رضي الله عنهما - : ما لم يتغير أحد أوصافه فهو طهور . فإن  [ ص: 359 ] قلت : فما تقول في قوله صلى الله عليه وسلم حين سئل عن بئر بضاعة  فقال :  "الماء طهور لا ينجسه شيء إلا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه" ؟ قلت : قال  الواقدي   : كان بئر بضاعة  طريقا للماء إلى البساتين . 
				
						
						
