وعباد الرحمن مبتدأ خبره في آخر السورة . كأنه قيل : وعباد الرحمن الذين هذه صفاتهم أولئك يجزون الغرفة . ويجوز أن يكون خبره الذين يمشون وأضافهم إلى الرحمن تخصيصا وتفضيلا . وقرئ : "وعباد الرحمن " . وقرئ : "يمشون" "هونا" حال ، أو صفة للمشي ، بمعنى : هينين . أو : مشيا هينا ؛ إلا أن في وضع المصدر موضع الصفة مبالغة . والهون : الرفق واللين . ومنه الحديث ، وقوله : [ ص: 368 ] "أحبب حبيبك هونا ما " "المؤمنون هينون لينون " ، والمثل : إذا عز أخوك فهن . ومعناه : إذا عاسر فياسر . والمعنى : أنهم يمشون بسكينة ووقار وتواضع ، لا يضربون بأقدامهم ولا يخفقون بنعالهم أشرا وبطرا ، ولذلك كره بعض العلماء الركوب في الأسواق ، ولقوله : ويمشون في الأسواق [الفرقان : 20 ] . "سلاما " تسلما منكم نجاهلكم ، ومتاركة لا خير بيننا ولا شر ، أي : نتسلم منكم تسلما ، فأقيم السلام مقام التسلم . وقيل : قالوا سدادا من القول يسلمون فيه من الإيذاء ، والإثم . والمراد بالجهل : السفه وقلة الأدب وسوء الرعة ، من قوله [من الوافر ] :
ألا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا
[ ص: 369 ] وعن : نسختها آية القتال ، ولا حاجة إلى ذلك ؛ لأن الإغضاء عن السفهاء وترك المقابلة مستحسن في الأدب والمروءة والشريعة ، وأسلم للعرض والورع . أبي العالية