وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون   
سمى معنى القول ومؤداه بالقول ، وهو ما وعدوا من قيام الساعة والعذاب ، ووقوعه : حصوله . والمراد : مشارفة الساعة وظهور أشراطها وحين لا تنفع التوبة . ودابة الأرض : الجساسة . جاء في الحديث :  "أن طولها ستون ذراعا ، لا يدركها طالب ، ولا يفوتها هارب "  . وروي : لها أربع قوائم وزغب وريش وجناحان . وعن  ابن جريج  في  [ ص: 473 ] وصفها : رأس ثور ، وعين خنزير ، وأذن فيل ، وقرن إبل ، وعنق نعامة ، وصدر أسد ، ولون نمر ، وخاصرة هر ، وذنب كبش ، وخف بعير وما بين المفصلين : اثنا عشر ذراعا بذراع آدم  عليه السلام . وروي : لا تخرج إلا رأسها ، ورأسها يبلغ أعنان السماء ، أو يبلغ السحاب . وعن  أبي هريرة   : فيها من كل لون ، وما بين قرنيها فرسخ للراكب . وعن  الحسن   -رضي الله عنه - : لا يتم خروجها إلا بعد ثلاثة أيام . وعن  علي   -رضي الله عنه - : أنها تخرج ثلاثة أيام ، والناس ينظرون فلا يخرج إلا ثلثها . وعن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه سئل : من أين تخرج الدابة ؟ فقال : "من أعظم المساجد حرمة على الله" يعني المسجد الحرام   . وروي : أنها تخرج ثلاث خرجات : تخرج بأقصى اليمن ثم تتمكن ، ثم تخرج بالبادية ثم تتمكن دهرا طويلا ، فبينا الناس في أعظم المساجد حرمة وأكرمها على الله ، فما يهولهم إلا خروجها من بين الركن حذاء دار بني مخزوم  عن يمين الخارج من المسجد فقوم يهربون وقوم يقفون نظارة . وقيل : تخرج من الصفا  فتكلمهم بالعربية  [ ص: 474 ] بلسان ذلق فتقول : أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون  يعني أن الناس كانوا لا يوقنون بخروجي ؛ لأن خروجها من الآيات ، وتقول : ألا لعنة الله على الظالمين . وعن  السدي   : تكلمهم ببطلان الأديان كلها سوى دين الإسلام . وعن  ابن عمر   -رضي الله عنه - : تستقبل المغرب فتصرخ صرخة تنفذه ، ثم تستقبل المشرق ، ثم الشام  ثم اليمن  فتفعل مثل ذلك . وروي : تخرج من أجياد   . وروي : بينا عيسى  عليه السلام يطوف بالبيت ومعه المسلمون ، إذ تضطرب الأرض تحتهم تحرك القنديل ، وينشق الصفا  مما يلي المسعى ، فتخرج الدابة من الصفا  ومعها عصا موسى  وخاتم سليمان  ، فتضرب المؤمن في مسجده ، أو فيما بين عينيه بعصا موسى  عليه السلام ، فتنكت نكتة بيضاء فتفشو تلك النكتة في وجهه حتى يضيء لها وجهه أو فتترك وجهه كأنه كوكب دري ، وتكتب بين عينيه : مؤمن : وتنكت الكافر بالخاتم في أنفه ، فتفشو النكتة حتى يسود لها وجهه وتكتب بين عينيه : كافر . وروي : فتجلو وجه المؤمن بالعصا وتحطم أنف الكافر بالخاتم ، ثم تقول لهم : يا فلان ، أنت من أهل الجنة . ويا فلان ، أنت من أهل النار . وقرئ : "تكلمهم" من الكلم وهو الجرح . والمراد به : الوسم بالعصا والخاتم . ويجوز أن يكون تكلمهم من الكلم أيضا ، على معنى التكثير . يقال : فلان مكلم ، أي مجرح . ويجوز أن يستدل بالتخفيف على أن المراد بالتكليم : التجريح ، كما فسر : لنحرقنه ، بقراءة  علي   -رضي الله عنه - : لنحرقنه ، وأن يستدل بقراءة  أبي   : تنبئهم . وبقراءة  ابن مسعود   : تكلمهم بأن الناس ، على أنه من الكلام . والقراءة بإن مكسورة : حكاية لقول الدابة ، إما لأن الكلام بمعنى القول . أو بإضمار القول ، أي : تقول الدابة ذلك . أو هي حكاية لقوله تعالى عند ذلك . فإن قلت : إذا كانت حكاية لقول الدابة فكيف تقول بآياتنا قلت : قولها حكاية لقول الله تعالى . أو على معنى بآيات ربنا . أو لاختصاصها بالله وأثرتها عنده ، وأنها من خواص خلقه : أضافت آيات الله إلى نفسها ، كما يقول بعض خاصة الملك : خيلنا وبلادنا ، وإنما هي خيل مولاه وبلاده . ومن قرأ بالفتح فعلى حذف الجار ، أي : تكلمهم بأن . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					