وقالت امرأت فرعون قرت عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وهم لا يشعرون   
روي أنهم حين التقطوا التابوت عالجوا فتحه ، فلم يقدروا عليه ، فعالجوا كسره فأعياهم ، فدنت آسية  فرأت في جوف التابوت نورا ، فعالجته ففتحته ، فإذا بصبي نوره بين عينيه وهو يمص إبهامه لبنا فأحبوه ، وكانت لفرعون  بنت برصاء ، وقالت له الأطباء : لا تبرأ إلا من قبل البحر ، يوجد فيه شبه إنسان دواؤها ريقه ، فلطخت البرصاء برصها بريقه فبرأت وقيل : لما نظرت إلى وجهه برأت ، فقالت : إن هذه لنسمة مباركة ، فهذا أحد ما عطفهم عليه ، فقال الغواة من قومه : هو الصبي الذي نحذر منه ، فأذن لنا في قتله ، فهم بذلك فقالت آسية   : قرت عين لي ولك  فقال فرعون   : لك لا لي . وروي في حديث :  "لو قال هو قرة عين لي كما هو لك ، لهداه الله كما هداها " ، وهذا على سبيل الفرض  [ ص: 485 ] والتقدير ، أي : لو كان غير مطبوع على قلبه كآسية  لقال مثل قولها ، ولأسلم كما أسلمت : هذا -إن صح الحديث- تأويله ، والله أعلم بصحته . وروي أنها قالت له : لعله من قوم آخرين ليس من بني إسرائيل . قرت عين   : خبر مبتدأ محذوف ولا يقوى أن تجعله مبتدأ و  "لا تقتلوه"  خبرا ، ولو نصب لكان أقوى . وقراءة  ابن مسعود   -رضي الله عنه- دليل على أنه خبر ، قرأ : "لا تقتلوه قرة عين لي ولك " ، بتقديم "لا تقتلوه " . عسى أن ينفعنا  فإن فيه مخايل اليمن  ودلائل النفع لأهله ، وذلك لما عاينت من النور وارتضاع الإبهام وبرء البرصاء ، ولعلها توسمت في سيماه النجابة المؤذنة بكونه نفاعا . أو نتبناه ، فإنه أهل للتبني ، ولأن يكون ولدا لبعض الملوك . فإن قتل : وهم لا يشعرون  حال ، فما ذو حالها ؟ قلت : ذو حالها آل فرعون   . وتقدير الكلام : فالتقطه آل فرعون  ليكون لهم عدوا وحزنا ، وقالت امرأة فرعون  كذا وهم لا يشعرون أنهم على خطأ عظيم في التقاطه ورجاء النفع منه وتبنيه . وقوله : إن فرعون  الآية : جملة اعتراضية واقعة بين المعطوف والعطوف عليه ، مؤكدة لمعنى خطئهم . وما أحسن نظم هذا الكلام عند المرتاض بعلم محاسن النظم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					